Friday 27 October 2017



رواية بيت حدد للكاتب السوري فادي عزام


تبدو رواية «بيت حُدُد» (دار الآداب) للكاتب السوري فادي عزام وكأنها مجموعة قصصية تضم حكايات تدور في أزمنة وأمكنة واحدة، نظراً لما يعتريها من تفكك في الرابط الدرامي لقصص أبطالها، فيغدو الخط البياني للرواية متعرجاً في الغالب. بيد أنّ ما تحويه هذه الرواية بين دفتيها من حقائق ومعلومات تاريخية يجعل منها بمثابة مرجع لمرحلة تُعتبَر مفصلية في تاريخ سوريا المعاصر. ويبقى ما يميّز هذا العمل هو عمق دراية الكاتب بما هي عليه الحال في الشارع السوري، فتراه يعطى كل ذي حق حقه. لم يستسلم مثلاً للرومنطيقية الثورية، ومع أنه ينحاز بوضوح لثورة الشعب المحقة، ساق الكاتب نوعاً من النقد الذاتي للمرحلة وطرح تساؤلات بحجم جدوى بعض ما قامت به هذه الثورة بشجاعة يُشهَد لها.



رواية خبيئة العارف للكاتب المصري عمار علي حسن


ثمرة جديدة في بستان الواقعية السحرية العربية. تلك هي رواية «خبيئة العارف» (الدار المصرية اللبنانية) للكاتب المصري عمّار علي حسن. فيها ما في سابقاتها من رواياته من سحر العنونة وبلاغة التعارض ورحابة الواقعية السحرية الصوفية. في العنوان طباق بين «خبيئة» وبين «العارف»، الاختباء اختفاء، والمعرفة كشف واكتشاف. لا تكون الخبيئة في مكان ظاهر مكشوف منير. الخبيئة كنز أو سر، خبيئة تبقى إلى نهاية الرواية عالقة مؤجلة. لكن الرواية لا تجتهد في أن تكون بوليسية، بل تبقى نصَّ كشف واكتشاف. اكتشاف العالم بما فيه من أسرار وعلاقات قوة وهيمنة، واكتشاف النَّفس بما فيها من قوة وضعف، وكيف يُكتب التاريخ. هذا بعض ما في «خبيئة». أما «العارف» فهو من يعرف، أي من يعلم بعد جهل، وفي الكلمة تاريخ من الدلالات لا قبل لمقام واحد باشتمالها، لكنها تشير بلا مواربة إلى العرفان (ما تدركه بالقلب، ولا يدركه أحدٌ معك)، لا إلى المعرفة (ما تدركه بالعقل، وقد يدركه معك غيرُك) وحدها، إلى الصوفية والتنسك، ويكثر أن تتبعها في لغة أهل مصر عبارة «بالله». لكن العنوان وبداية الرواية يتركان أبواب الأسئلة مفتوحة على مصارعها– عن طبيعة الخبيئة، وعن حقيقة نسبتها إلى العارف. وهذه بعض متعة العنوان، يمنح ويمنع، يكشف ويحجب، يستسلم ويراوغ، ويغري بالقراءة لاكتشاف ما في النّص من «خبيئات» و«خبايا».


 رواية دفاتر القبطي القديم للكاتب السوداني جمال محمد أبراهيم

يروي الكاتب السوداني جمال محمد إبراهيم في روايته «دفاتر القبطي الأخير» (دار مدارات- الخرطوم) سيرة المسامحة أو المسالمة في مدينة التراب «أم درمان». سيرة قبول الآخر، الذي هو أنا أو أنت. وكم تمنيت وأنا أقرأ النص لو ان كل المدن والحواضر العربية فيها شيء من روح أم درمان. صورة الغنى والتنوع والوحدة. صورة الذات والآخر في كيان كينونة واحدة. صورة التقاليد التي تصون البلاد من العنف. السرد هنا كلام يساوي الحياة. اطلّع الراوي على كراسات القبطي القديم بطرس ميلاد سمعان. وكتب متدفقاً حتى اشتبكت دموع في عيون فإذا رطوبة العين من رقراق القلب. وإذا الكلام بعض تنهدات الروح. سمعنا الصرخة ضد الظلم الواقع، على رأس القبطي القديم الذي خدم بلده متفانياً وفي ذروة أزمته المرضية يستغنى عن خدماته ويُترك في براثن الجحود والنكران وفي أشداق الموت. الظلم لا يحتمل وإذا وقع تضيق الأرض. يطرح جمال محمد إبراهيم قضية مهمة   وأساسية في روايته ويرفع سؤالاً صعبا