Friday 27 July 2012

ارض المدامع..رواية جديدة للكاتب البشير الدامون



عن المركز الثقافي العربي، صدرت مؤخرا للروائي البشير الدامون، رواية تحمل عنوان: أرض المدامع" في 228 صفحة من الحجم المتوسط، تتصدر غلافها لوحة الفنان سعد بن محمد. وتضم الرواية خمس عناوين فرعية:"المدامع الأولى، المدامع الثانية، المدامع الثالثة، المدامع الرابعة، المدامع الخامسة".
وقد جاء في ظهر الغلاف «أيها الباحث عن الكنز الخفي لتكن عليك السماء خفيفة. ها هو الصندوق الذي يحتوي على مفتاح السر. تشجع، دع عنك الوساوس وقم بفتح الصندوق فبداخله أمارة البشري.
... ... بقايا خيوط كتان متعفنة، متربة ومبللة، لاحت أشكال صغيرة الحجم يعلوها الوحل. مددت يدي، مسحتها. كانت من زجاج غير شفاف. خمسة أوعية لا يتعدى طولها نصف شبر في لون أزرق فاتح واخضر باهت مترب..
كانت خمسة مدامع.»
و"أرض المدامع" رواية يتقابل فيها الواقع والأحلام، ويفرض التاريخ سحره ويعلن الحاضر سطوته وقسوته، حيث الساردة والسارد يهيمان في رحلة الكشف عن سر يضيء وجودهما وعن كنز يعيان أن الطريق إليه حارق. هي رواية عن الحب والفقدان والثورة والأحلام وعن انتكاسات متبوعة بقدرة كبيرة على المقاومة والانبعاث." كما جاء في ظهر غلاف الرواية.
والمبدع المغربي البشير الدامون، روائي من مدينة تطوان، خريج كليات الحقوق والآداب وأصول الدين، صدرت له رواية أولى بعنوان "سرير الأسرار" عن دار الآداب سنة 2008 وحولت إلى فيلم سينمائي سنة 2012.

رواية جديدة للكاتب الأردني ياسر قبيلات: كتابك الذي بيميني: قصة حب

 
 
صدرت  للكاتب الأردني ياسر قبيلات رواية بعنوان: "كتابكِ الذي بيميني: قصة حبّ"،
عن دار أزمنة للنشر في عمّان، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية ،
تقع الرواية في 134 صفحة من القطع المتوسط بغلافٍ احتلَّ التخطيط الفحمي لهنري ماتيس جزءه الأعظم، ورُتِّبَ وفق 18 باباً توزعتَ فيها الأقسام السبعون كأرقام، ولكلّ باب عنوانه الدالّ: طلب توظيف، حريق الدار الآخرة وظمأ الدنيا، أتعرف.. لقد مرّ زمن، كأنما لم تجر مياه تحت الجسر، ولقد أفرطت في كل شيء، بضع صحف من أمس، إذاً..فلأقل وداعاً، وكأنما هي لحظة زمنية تنقضي فلا تعود، كمن يجد نفسه يُقاد إلى مشنقة، كُنْ أقلّ رعونة، البنت الغريرة السعيدة بنفسها وحظوتها، كنتَ شريراً للغاية ساعة رأيتك، الخارجي العربي، ليس حقداً من دون سبب، كنتُ كالماشي أثناء النوم، يا إلهي.. مع مَن تورطت، ولكني على الأغلب سأنسى، أرى النهايات يأتين سراعاً.
 رواية قبيلات الجديدة هي الإصدار الثالث للمؤلف بعد المجموعة القصصية"أشجار شعثاء باسقة"  والنصوص المسرحية  "رجل وامرأة ورجل".
 

Sunday 22 July 2012

مجموعة قصصية جديدة للقاصة الأردنية جميلة عمايرة


صدرت حديثاً للقاصّة جميلة عمايرة مجموعة قصصية جديدة بعنوان "امرأة اللوحة"
عن دار أزمنة للنشر  في عمّان، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية.
تقع المجموعة في 83 صفحة من القطع  المتوسط وتضم عشر قصص، هي: اسمي، علاقات، خِشية، امرأة اللوحة، زمن طويل، رواية أخرى، غواية، اللعبة، حلم، ورجل آخر. 
من قصة «امرأة اللوحة» :"امرأة اللوحة ذات عنق طويل، رهيف، يرتفع برأسها كراية ساكنة. أما هذه المرأة، التي تجلس بمواجهته تتشاغل بإعادة طلي أظافرها، والتي فكّر مأخوذاً بردة فعلها قبل قليل؛ فمن طينة مختلفة عن تلك ذات العنق الطويل.
 امرأة اللوحة الجاذبة رغم سكونها الأبدي. لحظتها تساءل إنْ كانت قد تأملتها يوماً ما. لكنه، لمّا خرج من تساؤله هذا، وعاد للمحسوسات داخل الغرفة، تيقنَ من أنها، حتى لو فَعَلَت وتأملتها، فلن ترى فيها سوى مجرد رَسْم. رَسْم في لوحة اختلقها خيالٌ مجنون. مجرد صورة بلا معنى عُلقَت على جدار» .
المجموعة الجديدة هي الرابعة للمؤلفة بعد ثلاث مجموعات هي: «صرخة البياض» 1993، و»سيدة الخريف» 1999، و»الدرجات» 2004، ورواية قصيرة (نوفيلا) «بالأبيض والأسود» 2007 ـ إضافة إلى مختارات قصصية ضمها كتاب بعنوان «دم بارد» 2006.

يوسف معاطي في رواية " فرقة ناجي عطا الله"




صدرت في القاهرة رواية "فرقة ناجي عطا الله" للكاتب المصري يوسف معاطي عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، تزامنا مع عرضها في مسلسل تلفزيوني رمضاني بالاسم نفسه، من بطولة الفنان عادل إمام ومجموعة من الممثلين الشباب وإخراج رامي إمام.
وتقع الرواية في 490 صفحة من القطع المتوسط، وتتكون من 12 فصلا طويلا، وتضم كامل الأحداث والوقائع الدرامية التي تقرر حذفها من المسلسل لأسباب فنية أو رقابية أو أمنية.
وتعد الرواية الجديدة ثاني نص إبداعي للكاتب يوسف معاطي لم يكتبه كسيناريو لعمل فني كما في أعماله السابقة بعد روايته "بانجو"، الصادرة قبل عامين عن الدار المصرية اللبنانية أيضا، ولم يلتفت إليها النقاد بسبب تفجر الثورة المصرية وما تلاها من أحداث.
وكما يبدو من الحلقات التي تم عرضها من المسلسل التلفزيوني فإن الرواية المكتوبة تختلف بشكل كبير عن الشكل الدرامي، الذي يعتمد على "الأكشن" الكوميدي في حين تقوم الرواية على نظرية المأساة وعمقها والبحث عن جذورها.
ويدور الحدث الرئيسي في رواية "فرقة ناجي عطا الله" حول سرقة بنك في قلب إسرائيل، لكن معنى السرقة يكتسب أبعادا سياسية واجتماعية ليلمح إلى سرقة أكبر يقوم بها عدو غاشم هي سرقة وطن بكامله وإغراقه في المشكلات والتفاصيل، مما يتيح للكاتب أن يغوص في طريقة تفكير العدو وطرق تعامله وإصراره على الكذب والسرقة والنهب والادعاء وتوظيف البشر بالمال والنساء.
وتتنقل أحداث الرواية بين عدد كبير من الدول والمدن واللغات واللهجات والثقافات والأحداث، فمن العاصمة المصرية إلى الأراضي الفلسطينية إلى مدينة رفح الحدودية إلى العاصمة العراقية بغداد وتركيا ودول الشام.
وفي الأحداث يتنقل بطل الرواية العجوز ناجي عطا الله وفرقته الشابة إلى الكثير من المعارك ومحاولات الهرب والترقب والانفعالات، وسط جو أقرب إلى عالم المخابرات بتفاصيله الدقيقة وصولا إلى التعاطي مع خلافات حركتي المقاومة الفلسطينية فتح وحماس لتحقيق هدف الرحلة التي ترصدها الرواية.
وفي مقدمة الرواية كتب المؤلف يوسف معاطي شكرا إلى الكثير من الأشخاص من بينهم عراقيون وسوريون ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة الذين ساعدوه في تدقيق اللهجة أو تدقيق حدث أو معرفة خلفياته الاجتماعية والموضوعية.

Thursday 19 July 2012

مجموعة قصصية جديدة للكاتبة منال حمدي: "تلك الوجوه ..هذه الأبواب"


 كتبت نضال القاسم:
في مجموعتها الثانية 'تلك الوجوه..هذه الأبواب' والصادرة عن دار أزمنة في عمان تقدم القاصة منال حمدي قصصاً فريدة بأجوائها،تستحق القراءة والتأمل،تبحث فيها القاصة عن حقائق إنسانية وكونية مثقلة بصنوف من الحيرة وهموم التوتر والألم والتعب.وتنهل أحداث المجموعة من أحاسيس داخلية مشرعة على تفاصيل الواقع المجبول بلحظات المعاناة والأمل.
إن 'تلك الوجوه..هذه الأبواب' عمل متميز،لقاصة لديها طموح كبير،وهذه المجموعة تعتبر بارقة أمل جديدة على الساحة الأدبية،لأنها تبرز الجانب الإنساني والإبداعي للعديد من القضايا الاجتماعية وتقدمها للجمهور،عبر لوحات فنية جميلة تتكئ على جهد إبداعي،يعي أبعاد النص القصصي وما يشتبك معه من رؤى ومخيلة في انجذابه الى أرضية الواقع.
لقد استقت منال أحداث قصصها من الواقع ثم أضافت عليها من خيالها وإحساسها من خلال إحدى عشرة قصة،الواصل بين أغلبها ضمير مفرد متكلّم،هو الشاهد على ما يحدث بالاسترجاع عند إحالة الأحداث على سياقات أزمنة مختلفة.ولعل الوعي والثقافة المتفتحة لدى الكاتبة جعل منها تقبل على طرق الأشياء بكل شجاعة لإبراز الحقيقة،وبلورة وجهة نظر صائبة ضمن قالب فني ممتع. 

Saturday 14 July 2012

برهان الشاوي وروايته " مشرحة بغداد"



يدخلنا الكاتب العراقي عالماً يمتزج فيه واقعه بالفانتازيا. روايته «مشرحة بغداد» (الدار العربية للعلوم ناشرون) تبدو سيناريو فيلم رعب يروي بأجواء سوداوية قصة بلاد الرافدين منذ سقوط صدّام حتى اليوم
حسين السكاف
«إنكم تستغربون صراحتي. الموتى لا يكذبون. أنتم تعرفون ذلك… نحن لسنا بشراً، نحن مجرد جثث، مجرد أموات». هكذا يعلن الكاتب والشاعر برهان شاوي (1955) فانتازيا الواقع العراقي ومرارته في روايته «مشرحة بغداد» (الدار العربية للعلوم ناشرون). «واقع» لا ينتمي إلى الواقع، فكل ما يدور في فلكه يقترب من الخيال، ويصعب تصديقه. صحيح أنّ الرواية تتناول كثيراً من حقائق الواقع العراقي، وبالتفصيل أحياناً، لكنها حقائق تبوح بها أفواه الضحايا. كلّ شخوص الرواية من الأموات، حيث مشرحة الموتى تمثّل مسرح الرواية وحاضنة أحداثها. هناك، حيث الموت حقيقة، يدخلنا برهان شاوي إلى فانتازيا الواقع، لنجد العديد من الجثث وقد صارت تتكلم وتتصارع وتتمرد وتخرج إلى الشارع معلنة تمردها.
صاحب «متاهة آدم» يخبرنا أن الصراع العراقي تجاوز حتى الموتى، ليصل إلى أسِرّة المشرحة التي تتصارع هي الأخرى، متبنية أفكار وانتماء الجثة التي ترقد عليها… فأي كارثة تعيشها البلاد إذاً؟ قد يجد القارئ في الرواية سيناريو لفيلم رعب، وقد يكون محقاً في ذلك؛ فـ«مشرحة بغداد» تروي قصة الرعب العراقي بدمائه التي لا تزال تنهمر منذ عقود وحتى بعد سقوط الديكتاتور، بل إن كمية الدم زادت بعد ذلك أكثر!
بطل الرواية، الحارس آدم الذي يصوره لنا المؤلف «كورقة مهملة سقطت من شجرة مجهولة، بلا جذور»، شاب في بداية العشرينيات من عمره، شغوف بالقراءة والأفلام السينمائية، لكنه «ومن كثرة رؤيته للجثث ولعمليات التشريح، صار إذا رأى شخصاً، فإنه يراه بعين خياله، عارياً على السرير النقال، أو على مصطبة التشريح». بهذه النظرة، لا يختلف آدم كثيراً عن بقية أبناء جلدته، فكل إنسان هنا، هو في الحقيقة مشروع مؤجل لجثة ملقاة على الطريق أو فوق مزبلة!
في الرواية، تختلط أسئلة الحيرة بأسئلة الإدراك، لتعكس إرباك الواقع الذي تناقشه. الشخصيات تتكلم وتأكل وتنام وتمارس أعمالها، إلا أنها لا تعرف إن كانت تنتمي إلى الحياة المعيشة أو إلى عالم الأموات. هكذا، يبدو شاوي وكأنه يصوّر لنا حالة المتاهة التي يعيشها الإنسان العراقي. لعلنا نتلمس ذلك من خلال اضطرابات الحارس آدم الذي «تداخلت عنده حدود المعقول باللامعقول، والخيال بالواقع، لكنه لا يعرف الآن بالضبط ما يجري، هل ما يراه ويسمعه هو واقع أم رؤى روحية ونفسية هي من نتاج عقله المتوتر وصراعاته الداخلية؟». وجود آدم المستمر بين الجثث، لم يكن إلا بداية اضطرابه، ليتصاعد بعد ذلك ويصل إلى حد الاختلاط المفزع بين الخيال واللامعقول من جهة، والواقع الذي تجاوز بوحشيته حدود الأسطورة من جهة أخرى. سنعرف كل هذا من اعترافات الجثث، لنكتشف في ما بعد أن الرواية تحكي قصص وظروف موت خمس جثث لخمس نساء ذوات أعمار وبيئات متباينة، لكن ما يجمعها هو أن القاتل في جميع الأحوال «سلطة الإرهاب»، أو إرهاب السلطة التي لا ترى في الإنسان العراقي سوى جثة تمارس الحياة. الدخول إلى عالم الجثث يبقى دخولاً افتراضياً، لكن ما من جسد بشري تحول إلى جثة هامدة، إلا خلَّف وراءه قصة موته. لذا، سنقع في الرواية على العديد من القصص التي تفضي أغلبها إلى إدانة النظام السياسي العراقي، حيث نتلمس محاولات المؤلف لفضح سلطات العراق الجديد وإدانتها، من خلال إدانة الجثث لرجالات السياسة العراقية والكشف عن القتلة، «فالموتى لا يكذبون».
الموتى الذين يؤكدون أنَّ «حزب البعث» ما زال يحكم العراق، يؤكدون أيضاً أنّ المسؤول الذي كان يقضي لياليه في اغتصاب السجينات السياسيات في زمن الديكتاتور، بات اليوم رجل الأمن وحامي العدالة العراقية! الرواية التي تصور يوميات الطابق السفلي في مستشفى كبير في وسط بغداد، تكشف لنا عن ممارسات سلطوية مريعة، كالقتل والاغتصاب، وإعدام الأبرياء، والاتجار بالجثث والأعضاء البشرية، وغيرها الكثير.
برهان شاوي، الشاعر والكاتب الذي عاد من منفاه إلى العراق بعد سقوط الديكتاتور، يحاول من خلال «مشرحة بغداد» الكشف عن رؤيته السوداوية التي تفضي إلى أنّ «العتمة هي التي تلوِّن الحياة والموت في بغداد». العاصمة العراقية، إذاً، ليست أكثر من مدينة أشباح وموتى، وهذا ما سنتأكد منه حين نعرف أن الحارس آدم ما هو إلا جثة أزهقت روح صاحبها منذ زمن.

Wednesday 11 July 2012


كتب أبراهيم الحاج عبدي: 
تنهض رواية «كرسي الرئاسة» للروائي المكسيكي كارلوس فوينتس، الذي رحل منتصف أيار (مايو) الماضي، على حدث افتراضي مستقبلي متخيل. هذا الحدث الافتراضي يحدد طبيعة السرد، ويرسم مناخات هذه الرواية التي تكشف عن جوانب من اللعبة السياسية في اميركا اللاتينية، وتحديداً في المكسيك، بلد الروائي.
فوينتس في هذه الرواية الصادرة بترجمة خالد الجبيلي عن دار «رؤية» في القاهرة ودار كنعان في دمشق، يحذو حذو هؤلاء في الدخول إلى دهاليز السياسة وألاعيبها. والواقع أن صاحب رواية «موت أرتيميو كروز» لم يكن بعيداً من السياسة، فوالده كان ديبلوماسياً، كما ان فوينتس نفسه كان سفيراً لبلاده في فرنسا منتصف سبعينات القرن الماضي. وهو درس لفترة في تشيلي حيث تأثر بشعرائها مثل بابلو نيرودا وغابرييلا ميسترال.
تمضي الرواية بالقارئ الى العام 2020، إذ تفترض أن رئيس جمهورية المكسيك لورنزو تيران؛ المثالي النزعة، يصوّت، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، ضد احتلال الولايات المتحدة الأميركية لكولومبيا، كما يدعو إلى وقف تصدير النفط المكسيكي إلى الولايات المتحدة إذا لم توافق واشنطن على رفع أسعار النفط التي حددتها منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك). لم تعتد الدولة الأقوى في العالم على مثل هذا الرفض، فيأتي انتقامها سريعاً، إذ تقرر رئيسة الولايات المتحدة كوندوليزا رايس، كما يفترض فوينتس، قطع نظام الاتصالات في المكسيك، على اعتبار ان هذا النظام مرتبط بالقمر الاصطناعي الأميركي. تتوقف كل الاتصالات الهاتفية والفاكسات والبريد الإلكتروني والانترنت في المكسيك، ويغوص البلد في كابوس إداري لا حدود له، ويصبح تبادل الرسائل التقليدية الوسيلة الوحيدة للتواصل. هنا يأتي دور فوينتس كي يصوغ رسائل على لسان الساسة، وهذه الرسائل المتبادلة بين الوزراء والمسؤولين والقادة والضباط تشكل قوام هذه الرواية، وتظهر الماراثون الشرس الذي يشارك فيه الجميع طمعاً في الفوز بـ «عرش النسر»؛ العنوان الأصلي للرواية.

Tuesday 10 July 2012

أحمد عبد اللطيف في رواية "صانع المفاتيح"




كتبت: د. أماني فؤاد

 ‬يعتد أحمد عبد اللطيف بمفهوم‮ "‬الخلق الفني‮"‬،‮ ‬الخلق الذي‮ ‬يلامس الواقع ليسرق ناره،‮ ‬كما تقول الأسطورة اليونانية،‮ ‬حيث‮ ‬يأخذ النور والوهج ثم‮ ‬يرتفع بهما إلي السماء‮. ‬يبرع في هدم المتحفي‮ ‬ليعيد صياغة عناصره وتركيبها علي نسق آخر،‮ ‬مستعيناً‮ ‬بملكات خيال منطلقة،‮ ‬فتتخلق عوالم مغايرة،‮ ‬قادرة علي خلق الصور،‮ ‬وهو ما تعنيه الفانتازيا في اللاتينية،‮ ‬حيث‮ ‬يتجلي الخلق إبداعاً‮ ‬وليس إعادة إنتاج،‮ ‬ولا‮ ‬يعني هذا قطيعة مع الواقع بل طرح إبداعي‮ ‬يعيد رؤية الواقع ويعيد تفسيره‮. ‬هكذا نري‮ "‬صانع المفاتيح‮" ‬رؤيةً‮ ‬وتشكيلاً‮ ‬فعل مواكبة ومجاوزة وسبق،‮ ‬لا اقتفاء نهج وضرورة المرور بمراحل فكرية حتمية خاصة في ظل هذه الثقافة الكونية المتسارعة‮.‬

‮ ‬انطلاقاً‮ ‬من ثقافة متسعة ودراية راسخة بالموروث الحكائي العربي الذي اعتمد علي منطق الفانتازيا،‮ ‬ودراساته للغة الإسبانية وأدب أمريكا اللاتينية،‮ ‬وترجمة الكثير من الأعمال الإبداعية والفكرية لكبار الكتاب،‮ ‬تشكلت لدي الكاتب رؤية فنية خاصة للإبداع،‮ ‬لا متأثراً‮ ‬أو مقلداً‮ ‬بل مبدعاً‮ ‬مبتكراً،‮ ‬مغموساً‮ ‬حتي النخاع في العناصر الخاصة لثقافة ومعطيات مجتمعه المصري،‮ ‬خلقت هذه الإطلالات الواعية المثقفة ذهنية خيالية تجمع جرأة الأفكار وتناسبها مع الواقع الثقافي‮ ‬الخاص‮.‬

‮ ‬يحتفي الكاتب في‮ "‬صانع المفاتيح‮" ‬بالجوانب الميتافيزيقية وعوالم التصوف في الجانب المعرفي،‮ ‬ويبصر بهما مناطق إضاءات فنية تبعده عن مركزية العقل البشري‮ ‬أو منطقه الصارم بمسافة تتيح له أن‮ ‬يغازله بتشكيلات فنية ومنطق معرفي‮ ‬آخر،‮ ‬يتتابع جيئة وذهاباً‮ ‬بين الخيال والعقل،‮ ‬فعل مراوحة ومزاوجة واشتباك وقفز،‮ ‬وكلها رؤي وتقنيات تصنع عوالم من الجدل الثري،‮ ‬ويقع نص‮ "‬صانع المفاتيح‮" ‬في محيط تعريف‮ "‬الفانتازيا الذهنية‮"‬،‮ ‬أي القدرة علي تجلية تقاطع الواقع بالخيال‮. ‬كما‮  ‬يرتكز علي الثقافة الشعبية التي تحتفي‮ ‬بالأحلام وتفسيرها ونبوءات العرافات ويمتح من الموروثات الدينية والأسطورية والملحمية،‮ ‬وكلها آليات تشكل بامتياز‮ "‬تيار الواقعية السحرية‮" ‬في الأدب‮. ‬ويؤلف من المعطيات السابقة مادة فنية ثرية تشكّلت بتنوع ملحوظ في‮ "‬صانع المفاتيح‮" ‬وعمله الأحدث"عالم المندل‮" ‬القائم في‮ ‬الأساس علي الحلم والمندل وقراءة الكف،‮ ‬رغم أن كلاً‮ ‬منهما له عالمه شديد الخصوصية‮.

‬يبني أحمد عبد اللطيف ويهدم،‮ ‬يبني‮ "‬صانع المفاتيح‮" ‬الأسطورة البسيطة الأرضية،‮ ‬ويهدم أساطير أخري كثيرة اكتوي بها البشر طويلاً،‮ ‬وتصبح اللغة أداته الطبيعية لإيجاد صيغ‮ ‬أسلوبية ناصعة تصيب الهدف بدقة،‮ ‬لغة تعرف مقاصدها وتذهب إلي عمقه دون مراوغة‮. ‬تتبدي أساليب الروائي ناجزة حتي وإن تنوعت الأحداث والأفكار وجاءت واقعية أو متخيلة أو وقائع حلمية،‮ ‬وهو ما‮ ‬يكشف عن رؤية وثقافة ناضجة عند المبدع‮. ‬وهو أيضا ما‮ ‬يأخذ بيد قارئه لكشف حالة الشخوص الفكرية‮.‬
وتظل منطقة الصدمة والتساؤل في‮ ‬كتابته،‮ ‬غرائبية الفن وأشكال طرحه،‮ ‬هاجس عبد اللطيف الذي أتصور أنه معني‮ ‬بتنوع نصوصه من حيث المحتوى وتقنيات أدائه، بل والتوحد معا وهو ما يمكن أن نلراه في روايتيه ومشاريعه الروائية القادمة.



Sunday 8 July 2012

رواية "عطر قديم" للكاتب المصري جار النبي الحلو



كتب يسري عبد الله في جريدة الحياة 
8/7/2012
تؤسس رواية «عطر قديم» للكاتب المصري جار النبي الحلو، الصادرة عن «مركز المحروسة للنشر» في القاهرة، لمنطقها الجمالي الخاص، متذرعة بمدٍّ إنساني سامق، وحضور لافت للمقولات الكبرى. وتعتمد كتابة شفيفة، تستدعي ما هو عادي، لتمنحه قدراً من الدهشة المصفاة، عبر تفعيل الهامشي والمعيش، وصبغه بماء الحياة، بتنويعاتها المختلفة، وبعطرها المتباين، ذي الألوان المختلفة. و العناوين التي يتخذها لنصوصه المختلفة تتكرر فيها دوال (مفردات) تنبئ عن ذلك، وتشير إليه: «طعم القرنفل»، «عطر قديم»، «حلم على نهر»، «القبيح والوردة»... دوماً هناك هذه الروح الشفيفة، التي تسعى إلى أنسنة الأشياء، والرامية إلى صنع علاقة أوثق مع المتلقي تحفز لديه طاقات التخييل والشعور في آن.
في «عطر قديم» تطل الحياة بصيغها المختلفة، وبعطرها ذي الألوان المتعددة، والباعثة على حنين جارف. إنه الحنين الأخاذ، القادر على استيلاد معان، ومدلولات أخرى، داخل نص سردي محكم تشكله مجموعة من الفصول السردية، خمسة عشر فصلاً سردياً تمثل المتن السردي للرواية (الرائحة القديمة/ الشجيرات تلفظ خضرتها/ سفر وردة سمراء/ وهج النار/ حتى لا يفزع المغني/ البكاء طائر محبوس/ كان يحب الجراء/ ريح سبتمبر/ خالي جثة ممددة/ نفس دافئ. نفس بارد/ عطر سيدات أربع وأمهن العجوز/ عطر قديم..). واللافت هنا أنه لا ينص على عطر واحد، فيستحوذ على المعنى، ولكنه التنوع الذي يمنح اتساعاً في الرؤية. ففي سبتمبر في فصل «ريح سبتمبر/ عطر قديم» تمتزج رائحة الجثث بعطر الورود، وللجنينة عطر في فصل «الرائحة القديمة»، والشجيرات باتت مهددة قلقة في «الشجيرات تلفظ خضرتها»، وقبلها ثمة نصية على عطر قديم يطارد السارد/ البطل ويلاحقه، فيمنحه ربما قدرة على البقاء، أو المغادرة. وللأنفاس رائحة هنا في فصل «نفس دافئ. نفس بارد»، وللسيدات الأربع، وأمهن (اعتماد) عطر خاص، وكذا للصديق محمد في «عطر صديق». إن الدال المركزي في الرواية هنا «عطر قديم»، والذي صار عنواناً لها، بدا مفجراً لطاقات التخييل لدى المتلقي، وقادراً على ابتعاث الأسئلة من جديد، وصوغ الخطابات المبتعدة عن اليقين، والضاربة في عمق السؤال. وإذا كان العنوان هنا ممثلاً للحالة الروائية الحاضرة في المتن السردي، فإنه أيضاً بدا رابطاً مركزياً بين الفصول السردية الخمسة عشر، فضلاً عن الشخصية المركزية في الرواية (جابر)، السارد/ البطل، والشخوص المتنوعين داخل العمل، والذين يرتبطون بعلائق وتشابكات اجتماعية يفصح عنها مضمون الرواية.
ثمة إحساس بالوحشة، وافتقاد للتواصل الإنساني الحميم، ينتاب السارد/ البطل، بخاصة بعد أن وضع الأخ (عمر) يده على حديقة المنزل، لينشئ مكانها دكاناً للأمن الغذائي. وتبدو الإشارات الذكية إلى الزمن المرجع هنا، وتحديده بالسبعينات، ليمثل السياق السياسي/ الثقافي الخلفية التي دارت عليها أحداث الرواية، المتصلة بالأساس، بحيوات البشر العاديين، وعلاقتهم بالمكان (المحلة الكبرى- شمال مصر)، راصداً عبر جدلية أسميها «تحولات المكان/ تحولات البشر»، ما دار، وكاشفاً عنه عبر عيني السارد/ البطل من خلال رؤية تحمل انحيازاتها الخاصة تجاه العالم، والأشياء.
في فصل «الرائحة القديمة» يوظف الكاتب السرد بضمير المتكلم، بوصفه صيغة سردية بالأساس، اعتمدها في نصه، وبما يضفي على السرد طابعاً حميماً من جهة، ولصيقاً بالذات الساردة من جهة ثانية، مسكوناً بما في الداخل الإنساني، مستعيداً ما كان من الرائحة القديمة للدور، والبيوت، والبشر، والأشياء، وظل العالم الذي أضحى باهتاً مثل لون الجدران الكالحة. وهذا كله في نص سردي محكم، لا تزيّد فيه، ولا نتوءات، ويعرف السارد الرئيسي من أين يبدأه، ومتى ينهيه. فالاستهلال السردي يُفضي إلى النهاية، التي تعد بدورها ترميزاً دالاً على توظيف آلية البناء الدائري. والمفردات المركزية فيها إما ينتهي بها الفصل مثلما يبدأ، أو يتكئ عليها البناء ذاته. إننا أمام مجموعة من النصوص السردية القائمة، والمستقلة بذاتها، غير أنها ينتظمها إطار سردي أشمل، يتمثل في تلك الحالة التي يصنعها العمل ككل، وفي العوالم الثرية التي يحكي لنا عنها.
تبدو السبعينات إذاً بسياقاتها السياسية والثقافية ممثلة للزمن المرجع في «الشجيرات تلفظ خضرتها»، وعلى خلفية التحولات العاصفة التي انتابت المجتمع المصري، وأثرت تأثيراً سلبياً عليه، مثل: قرارات الانفتاح الاقتصادي العام 1974، وكامب ديفيد 1978، ومعاهدة السلام 1979... تتسربل حكايات الكاتب الشفيفة، بلا صخب أو زعيق، ليمثل السياقان السياسي والثقافي الخلفية لما جرى، والإطار العام لما يدور. غير أن اليومي الذي صار معقداً، والهامشي الذي صار أكثر ألفة، بدا هاجساً مركزياً للكاتب، ويكفي أن أشير إلى المقطع الآتي: «بدأت ألاحظ الأبواب، طارت الأبواب الخشبية التي تحمل روح صانعها ودقته وفنه، طارت الزخارف وحطت في النسيان، والنحت انطمس في الذاكرة، وعرق النجار نشف على أعتاب الدكاكين، صار للباب اسم آخر: البوابة. بوابة حديد كبير مصمتة، لوح صاج ضخم مغلق مقفل، ولكل ساكن مفتاح وترباس ومقبض. صارت البيوت مكاناً لإتمام الصفقات وبيع الملابس المستوردة، وحجرات لماكينات التريكو وصنع الحلوى وتقسيخ السمك، ومكاناً لتوقيع عقود البيع والشراء لكل الأراضي الزراعية لتصير جنة السلام المرتقب».
يستكمل السارد حكايته، ويخطو بالحدث المركزي إلى الأمام، فالجنينة (المكان المركزي) في الافتتاحية، يتم التنازع عليها بين الأخوين جابر وعمر، هذا التنازع الذي يعبر في جوهره عن رؤيتين مختلفتين للعالم، إحداهما رافضة للقبح، منحازة للجمال، والأخرى استسلمت له، وصارت شريكة في إنتاجه. يتجادل خطان من السرد في معظم مقاطع الرواية، أحدهما ينتمي إلى خط القص الرئيسي، ويحمل نزوعاً لرصد الراهن والحكي عنه، والثاني ماضوي يتوسل بآلية الاسترجاع أو الفلاش باك. أشير مثلاً إلى فصل «سفر وردة سمراء»، فلحظة الحكي تبدأ بالإشارة إلى زينب النوبية التي اختفت، ويبدأ البحث عنها، ليستعيد جابر ذكريات طفولته معها، وقد يتداخل الخطان (الراهن والماضوي) ليشكلا لحمة السرد. وتصبح الأغنية الشعبية الشهيرة «يا وابور الساعة اتناشر يا مجبل ع الصعيد» رابطاً ما بين الخطين. ويستخدم كثيراً ما يسمى الجملة الصيغة، وأشير هنا إلى تكرار عبارة «حزني عليك يا اللي انطردت بعيد» التي تفجر طاقات التخييل السردي، بحيث توحد في المأساة بين ما حدث مع السارد (جابر)، وما لاقته زينب النوبية من تهجير من أرضها أو نفي (غربة الطرد/ غربة الإبعاد).
إن الكاتب هنا مسكون بالمكان، ونصه معبأ به؛ وحضور العناصر الشعبية للموروث له دلالته الخاصة (الموال/ الأغنية الشعبية/ الأساطير المتعلقة بالمكان)، حيث تطل المحلة، ليس بأبنيتها ودورها فحسب، ولكن بناسها، وقدرتها الدائمة على الحلم، والمقاومة.

Saturday 7 July 2012

الكاتب العراقي خالد الوادي في رواية جديدة بعنوان "كاشان"




عن دار الفرات للنشر والتوزيع في بيروت صدرت رواية ( كاشان ) للكاتب العراقي خالد الوادي .. تدور احداث الرواية في بيئة تفتقد للاسم لكنها واضحة المعالم والصراعات .. يجسد دور البطولة فيها ( سعدون ) ذلك المنهزم منذ ولادته .. ورغم انهزامه الواضح والآثار التي تخلفها الحروب على سلوكه .. يظل يحلم بالسعادة التي لا تتحقق .. يرتكز حلمه الكبير على سجادة ( كاشان ) رآها بالصدفة حين دخل الى قصر من قصور اصحاب الاموال الطائلة ليلازمه هذا المشهد حتى آخر سطر من سطور الرواية .. ( كاشان ) ملحمة انسانية  تنعت الحروب وتعري اسبابها .. وتصور الفقر على لسان الفقراء .. انها مجموعة من المشاهد المعنونة لكل مشهد عنوان يحمل مغزى يواكب الاحداث بوتيرة تصاعدية تحيل القاريء الى معنى الصراع وتشده الى نحو النهاية تلك التي عمد الكاتب على تركها مفتوحة تتقبل كل الاحتمالات وتفتح باب النقاش حول المستقبل المجهول وما ستؤول له الاحداث .. الرواية تماسكت بما ابتكره الكاتب من سرد اطلق عليه ( الواقعية المبتكرة ) فهو يؤمن ان داخل كل انسان هناك انسان مثقف يجيد  التقاط الصور الحياتية ويحللها مع نفسه ليخرج بقناعات مبهرة لا يمكنه البوح بها لانه ببساطة لا يجيد البوح ولا يمتلك الادوات التي تؤهله لذلك البوح ، لذا عمد الكاتب ان يسرد الاحداث بلسان ابطاله المنهزمين كل واحد على حده مع الربط بحوارات تجمعهم بين الحين والآخر باستخدام اللهجة العراقية المبسطة التي تضم في طياتها خليط من مفردات تعدت معنى اللهجة فهي وباعتقاد الكاتب لغة متكاملة ممتدة جذورها من تعاقب الحضارات على ارض الرافدين .. الرواية بمثابة تجربة مريرة لبطلها سعدون ذلك الذي حاول الاحساس بمعنى انسانيته  لكن الخذلان كان مصيره رغم صرخاته الغير مسموعة فهو لا يمثل شيء لما جرى وما يجري .. يذكر ان كاتب الرواية ( خالد الوادي ) قاص واعلامي عراقي .. صدرت له مجموعة قصصية بعنوان ( مذكرات طفل ) عام 2004 واخرى بعنوان ( فاكهة مجففة ) عام 2009 ومجموعة قصصية بعنوان ( انت اجمل امرأة في العالم ) عام 2010 عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق

عناق: مجموعة قصصية جديدة للقاصة المغربية لطيفة لبصير



كتب أبراهيم الحجري:
تراهن القاصة المغربية لطيفة لبصير -من خلال مجموعتها القصصية الجديدة "عناق"- على عنصر المفارقة الساخرة كأسلوب لفضح الواقع وما يزخر به من قيم مزيفة. وقد فرض عليها هذا الرهان تغيير إستراتيجية السرد التي عهدناها في مجموعاتها السابقة.
كسرت لبصير خطية السرد، واستعارت لغة التأمل والكشف بدل التقرير، واختارت مسلك البوح في كثير من اللحظات. كما أتاحت لذاذة المحكي فرص التحاور الجريء مع التفاصيل الدقيقة، التي باتت مركزية بعد ما طالها النسيان طويلا. واستدعت شخوصا غير معتادة للعب دور "البطولة" أو لتنشيط التفاعل السردي في النص القصصي.
تحكي القاصة المغربية هنا -وهي مشدودة إلى عوالم الذات- بوعي حساس جدا تجاه ما يحدث في محيطها الصغير والكبير من قضايا مجتمعية تكاد تبدو للبعض واهية وهامشية. لكن نباهة الرواة وذكاء عمليات الحبك والصوغ في قصصها جعلت أمورا هامشية تتخذ موقعها في الواجهة، على الأقل في لحظة القراءة والتواصل مع عوالم النص.

نقد الواقع
تكتب لبصير وعيها سردا. وتحرص على مساءلة القضايا الشائكة التي يحبل بها المجتمع، خاصة تلك التي تتعلق بالوشائج والصلات والقيم، وما آلت إليه من تناقض وزيف وتردّ. والقاصة بمساءلة كهذه تعيد النظر النقدي في حياة الناس وعلاقاتهم وعاداتهم، منتقدة إياها بشكل صريح حينا، وبشكل مبطن أحيانا أخرى، موظفة في ذلك المفارقة والسخرية وخلخلة منطق القيم والأشياء.
والكتابة، بهذا المعنى تحرص على تشخيص المعطيات الاجتماعية المتهالكة وتشريح موقع الخلل فيها، فتكون المحكيات بمثابة مرايا للواقع دون أن تكون عاكسة له، بل مصورة إياه في قوالب ساخرة وأشكال كاريكاتورية مفعمة بالكثير من الدلالات.
ومن الظواهر التي تسلط عليها الكاتبة الضوءَ في محكيها القصصي، العلاقة بين الرجل والمرأة التي يطوقها في الغالب البرود، ويغلب عليها التعامل الجسدي الميكانيكي. وعلاقة الأم بالطفل، وأهمية حضور الطفولة في شخصية الكبار، وقيمة الحب والتسامح في نسج علاقات بديلة تقوم على الاحترام المتبادل والتعايش مع الآخر، وكيفية بناء الإنسان لقيمه البديلة والمصطنعة قهرا للقيم الأصلية الفطرية، مبرزة علاقة الإنسان بالمكان ومدى تأثير هذا الأخير فيه. 

Thursday 5 July 2012

الروائي الجزائري كمال قرور يصدر روايته الجديدة: سيّد الخراب



 :كتب عاشور فني

نص روائي جريء يقف على حواف صفحة جديدة في الكتابة الروائية، في الجزائر، ويؤسس لمرحلة جديدة في الثقافة الأدبية
"سيد الخراب" رواية كمال  قرور الجديدة، الصادرة عن دار الغاوون، تستدعي وقفة خاصة. ذلك أن ضربا جديدا من القول الأدبي يقتضي ضربا جديدا من الممارسة النقدية. كما أن جيلا جديدا من الكتاب يستدعي ضربا  جديدا من الكتابة النقدية. كتابة نقدية تتطلب أدوات جديدة تتجاوز ما هو سائد من نقد النص الأدبي وتنفذ إلى نقد النص الثقافي. ذلك أن النص الأدبي نفسه إنما هو ضرب من ضروب النقد للنص الثقافي السائد. وفي الرواية موضوع هذه المقاربة، يتأسس المتن الروائي على نص ثقافي قديم في ما يتصدى لنقد  المتن الثقافي السائد
المتن الروائي والمتن الثقافي
 
تقوم هذه القراءة على فرضية النصين: النص الحاضر والنص الغائب. النص الحاضر هو المتن الروائي المذكور. أما النص الغائب فهو المتن الثقافي، المعلن أو المضمر، الذي  يتأسس ويشتغل عليه المتن الروائي. هو النص الذي يؤسس وعي الروائي ووعي القارئ والناقد معا. تقوم الكتابة النقدية على كشف العلاقة بين المتنين ورصد فعل البنية الثقافية في المتن الروائي، وبالمقابل، رصد حركة النص الحاضر، المتن الروائي، وفعله في البنية الثقافية، بنية الوعي.
يتحكم النص الأدبي في سلوك أبطال الرواية أما النص الثقافي فيحرك سلوك الأبطال وسلوك القراء والكتاب، نقادا ومبدعين، معا. من هنا تؤسس الرواية لخلخلة النظام السائد، بكشف آليات استمراره  ورصد حركتها ومتابعة مساراتها وفضح الأطراف الفاعلة فيها بمن فيهم القارئ نفسه. في سيد الخراب تظهر جمهوريات الخراب وممالكه في خلفية المتن الروائي باعتبارها نصا  آخر، نصا غائبا. نصا يلخصه ويكثفهويختزله ويكشفه نص غير أدبي لكنه نص تأسيسي في الثقافة العربية. نص ابن خلدون. نص ثقافي بامتياز. نص غائب في الحياة اليومية لكنه حاضر في الوعي الجمعي وفي الوعي الفردي: وعي الروائي والقارئ، ووعي جمهور الروائيين والنقاد والشعراء وجمهور القراء والصحافيين والساسة. وعي الحكام الحاليين ووعي المعارضين لهم بكل اختلافاتهم. هذا النص يتعلق بحقيقة اجتماعية سياسية ماثلة في الحياة اليومية للجماعة. جماعة الواقع وجماعة المتن الروائي. يتمثل هذا النص في الفصل من  مقدمة ابن خلدون: في أن الظلم مؤذن بخراب العمران.

سليم البيك في مجموعة قصصية جديدة بعنوان " كرز أو فاكهة حمراء للتشيزكيك"



كتب راسم المدهون  في جريدة "الحياة" اللندنية مؤخرا:

يكتب سليم البيك قصصه بعبث ، أو هو يلعب مع الواقع
 بروح فيها الكثير من مغامرة الفن ومغامرة الشباب على حد سواء . سليم البيك في مجموعته القصصية الجديدة "كرز" أو "فاكهة حمراء للتشيزكيك" (منشورات الأهلية – عمان الأردن – 2012 ) يختار منذ البداية أن يكتب قصة "لقطة" ، أعني بالذات أنه يختار لقصته أن تتحرَك في فضاء مشهد واحد ، مكثف ولافت . لعلَه بهذا المعنى يعيدنا إلى المفهوم الأصل والأساس للقصة القصيرة الذي يؤكد أنها سردية الموقف الواحد ، المفهوم الذي تتنكبُ عنه كثر من قصص الكتّاب هذه الأيام .
مع ذلك ، بل بسبب كيفيات كتابته بالذات نرى أن تلك العودة لا تأتي عند البيك تقليدية ، هي إلى حد بعيد عودة مراوغة ، ماكرة ، تماما  كما هو فن القصة القصيرة الحقيقي والذي "يترفع" عن مجرَد السرد منحازا لرغبة الفن في إعلاء صورة المشهد.
قصص سليم البيك في "كرز" ( جائزة مؤسسة القطان للمبدعين الفلسطينيين الشباب ) تعيش الراهن بصوره الأشد حداثة : قصص تتجوَل في عوالم شاب ( يشبه شبابا كثرا ) ينغمس في الحياة العصرية وأدوات الإتصال الحديثة ، ويحمل في يوميَاته كثيرا من عاداتها وتقاليدها. القصة هنا تحكي – غالبا – حالات أقرب إلى العبث لمصادفات العلاقات العابرة مع نساء يتشابهن في كونهنَ أيضا ينتمين تماما للعوالم ذاتها : قصص تنفتح على مشهد واحد ترفده الجزئيات والتفاصيل الصغيرة بما يجعله دوما مشهدا مشحونا بالغ التوتر والتشويق. في الجانب الأهم والأجمل من قصص سليم البيك "كرز" ننتبه إلى حيوية الكتابة التي تنطلق من زج شخصية القصة الرئيسة مباشرة في الحدث السردي ، أو كما أشرنا سابقا في المشهد ، أي ترك تلك الشخصية توضح ملامحها وعالمها من خلال الحدث ذاته ومن خلال ردود أفعالها عليه . القصة هنا تبدو شغوفة بالجزئي الذي وإن حمل غرابة ما ، إلا أنه يمنحنا متعة الإصغاء للصورة : سأقول أن "كرز" بقصصها كلّها تحتفل بالحياة أولا وقبل أي شيء آخر ، وهي لهذا تختار لها سياقات بالغة الأناقة. أتحدث هنا بالذات عن الجملة السردية الرشيقة ، الخالية من أية زوائد أو ثرثرات ، بل التي تبتعد بقصدية عن الوصف ، فالأهم عند سليم البيك هو المشهد ، أعني أنه يجتهد ما استطاع ليرسم ، وليأت الرسم مزدحما برموزه وإشاراته وبحيويته أيضا.
تغريني قصص المجموعة بالإبتعاد عن محاولة الحديث عن هذه القصة أو تلك للدلالة على ذلك ، فقصص "كرز" تحمل جميعا الروح ذاتها ، وتنتمي لذات المناخات . لعل بعضا من أسباب ذلك يرجع في تقديري للمكان الذي وإن اختلف بين قصة وأخرى ، إلا أنه يظلُ غالبا مكان اللقاءات السريعة بل العابرة لرجل وامرأة يلتقيان "على عجل" من أجل الحب ، ويفترقان على عجل بسبب الحب أيضا .
حين أتممت قراءة قصص هذه المجموعة توقفت طويلا عند فكرة مفارقتها لتاريخ القصة الفلسطينية القصيرة منذ سميرة عزام وغسان كنفاني ، مرورا بنماذجها الأجمل محمود الريماوي وبعض قصص يحيى يخلف ، وهو تاريخ يؤكد في غالبه على الحدث السياسي ، وباستثناء الراحل جبرا إبراهيم جبرا في مجموعته القصصية "اليتيمة" والمدهشة "عرق" ، لم أعثر على تجريب فني لافت أقدم على مغامرته كاتب قصصي فلسطيني ما جعل القصص الفلسطينية أقرب للمحافظة منها للتجديد والمغامرة ، وهنا أتذكر استثناء وحيدا بالغ الجمالية حققه رسمي أبو علي في مجموعته القصصية الشهيرة "قط مقصوص الشاربين إسمه ريّس" . هنا في "كرز" بعض هذا ، فسليم البيك يغضُ الطرف عن تلك السياقات القصصية ، ويمضي نحو قصة مشاكسة..قصة إذ تختار عوالم جديدة إنما تختار معها بنائياتها المغايرة والمختلفة بالتأكيد.
سليم البيك في "كرز" كاتب دخل مجموعته القصصية الثانية بروح المغامرة ، ولكن بالإستناد لموهبة لافتة وقراءات غزيرة تجعل قصص مجموعته قريبة من الروح وتستحق التحية .

رواية "غريب النهر" للأديب جمال ناجي



عن الدار العربية للعلوم ناشرون صدرت في بيروت الرواية الجديدة لجمال ناجي بعنوان (غريب النهر ) .
تقع الرواية في 216 صفحة ، وتدور أحداثها في كل من فلسطين والأردن ، وتمتد إلى تركيا ولبنان وسوريا وعدد من بلدان آسيا وإفريقيا ، وتتناول فانتازيا النفير الفلسطيني منذ الحرب العالمية الأولى وحتى نهايات القرن العشرين عبر سلسلة من الأحداث التي تقوم على استجواب التاريخ وخوض السباقات في مساحاته .
ويستخدم الروائي في عمله الجديد تقنية زمنية تحطم التراتب التقليدي للزمن لتستنبط منه زمنا جديدا ذا إيقاع تناقلي يفضي إلى مفارقات تبدو غريبة للوهلة ، لكنها في الرواية تتحول إلى حقائق يصعب التشكيك في إمكانية حدوثها .
هي رواية "فانتازيا" النفير الفلسطيني ، لكن هذا النفير يظهر في الرواية برؤية جديدة تمزج بين مفارقات الشتات واستحقاقات البقاء ، وبين غرائب التحولات الإنسانية وأبعادها النفسية والاجتماعية والسياسية، بما في ذلك نجاحات الشخوص وإخفاقاتها وقوتها وضعفها أمام المنعطفات الحادة .
أبطال الرواية هم أفراد من عائلة افتراضية واحدة يعود أصلها إلى قرية فلسطينية ، يعايشون مراحل ضياع الوطن ومنعطفات السياسة وشتات العائلة الواحدة في أصقاع الأرض ، وهي العائلة التي تتعدد جنسيات أفرادها وتتشعب ولاءاتهم ، ويعايشون عصرهم ويحاكمونه بطرق متعددة، وفي أماكن تترك بصماتها على ألوانهم وأساليب تفكيرهم وسلوكهم.

مقتطف من الرواية :

( قبل أن يبادر إلى توجيه أسئلته الاستقصائية المعروفة التي يفكر المضيف بها في مثل تلك المواقف ، كالسؤال عمن يكون الضيف ، وما الذي يريده ، وهل هو مرسل من أحد أقاربه أو معارفه إليه ، وغير ذلك من الأسئلة التي قد تخطر بباله ، سبقه الستيني شوكت بسؤال غريب عن الوقت الذي يناسبه من أجل اصطحابه إلى مقام أمين الأمة ، أبو عبيدة عامر بن الجراح، الذي يبعد عن البيارة مسافة ثلاثين دقيقة بالسيارة، من أجل زيارة قبر المرحومة عائشة ، وقبر شهيد العائلة .
ولقد أثار ذلك الطلب في نفسه بعض التشاؤم ، فقد تذكر بأن أشهر الموت في العائلة تنتهي في اليوم الأخير من شهر آذار ، بعد ثلاثة وأربعين يوماً من لحظته تلك ، ومن المحتمل أن تحل منيته قبل انتهاء تلك الأيام ، وهو اعتقاد ترسخ على مر السنين والعقود بين أفراد عائلة أبو حلة ، وتعزز بعد أن قضى كل أمواتهم الذين يذكرونهم خلال أشهر الموت ، وهي كانون الثاني وشباط وآذار من كل عام من أعوام الموت ، حتى إن أجدادهم كانوا يحتفلون في الأول من نيسان من كل عام بنجاتهم من تلك الأشهر الثلاثة ، ويذبحون الذبائح ويوزعونها على الفقراء، ويحرقون البخور ، ويسهرون في عليّات بيوتهم حتى الصباح ، وقبل أن يناموا يلقون بجِرار الفخار الفارغة من علّياتهم كي تنكسر في باحات بيوتهم ، معتقدين أن كسر الجرار يزيل آثار تلك الأشهر وتوجساتها .)

Wednesday 4 July 2012

"يافا تعّد قهوة الصباح" رواية الكاتب الفلسطيني أنور حامد



صدرت حديثاً للروائي الفلسطيني أنور حامد المقيم في لندن، رواية جديدة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بعنوان “يافا تعد قهوة الصباح”، وهي الرواية الرابعة له بعد روايات: “جسور وشروخ وطيور لا تحلق”، و “حجارة الألم”، و “شهرزاد تقطف الزعتر في عنبتا.
تقع الرواية الجديدة في 208 صفحات من القطع المتوسط، وتدور أحداثها في مدينة يافا الفلسطينية وقرية بيت دجن القريبة، منها في أربعينيات القرن الماضي.
الرواية لا تتحدث عن رحيل ومهجرين ومخيمات لجوء، بل عن أسواق وحمامات تركية ورحلات عائلية إلى شاطئ طبريا، وسهرات في ملاهٍ ليلية. لا تغزو أجواؤها استعدادات الحرب وأصوات الرصاص، ولا بطولات ومآسٍ، بل سهرات رمضانية وزيارات أعياد الميلاد، تقاليد الأعراس وطقوس حياة المدن والقرى، بتفاصيلها اليومية الصغيرة، بتقاليدها وروتينها، بأعيادها ومواسمها.
تقاسم الحضور في مشاهد هذه الرواية إقطاعيون وفلاحون، أميون وخريجو جامعات راقية، مسلمون ومسيحيون ويهود، مثقفون وبلطجيون، نساء يلتزمن المطبخ، وفتيات يطمحن إلى التحليق.
هي حياة تحررت من الذاكرة، ومشاوير عادت إلى الأرصفة وحكايات انبعثت في المقاهي... يافا نفضت عن شاطئها الليل....يافا تعد قهوة الصباح.
ومن أجواء الرواية: “بهية يا مجنونة، فش بحر في الشونة”، لكن بهية، التي تقيم في منزل لا شرفة بحرية له، في بلدة لا تصلها وشوشة أمواجه العابثة، تختزن البحر في الذاكرة، في قوارير وأكياس بلاستيكية، وفي حكايات لا تنتهي تقصها على الأحفاد في ليالي الشتاء الطويلة. بهية جلبت البحر من يافا إلى “الشونة الشمالية”، وكل المنافي التي أقامت فيها ولم تستوطنها، لأن البحر هجر شاطئه، وتبعها حيث تكون.
يشار إلى أن أنور حامد روائي وشاعر وناقد أدبي فلسطيني، يكتب بثلاث لغات: العربية والمجرية والإنجليزية. ولد في بلدة عنبتا الفلسطينية عام 1957، ونشر قصائده وقصصه القصيرة في جريدة القدس والفجر الصادرتين في مدينة القدس، وله أعمال باللغة المجرية.
صدرت روايته الأولى “حجارة الألم” عن دار أوغاريت في رام الله عام 2005، وكانت صدرت أولاً باللغة المجرية في بودابست عام 2004، ولاقت استقبالا حاراً من النقاد والقراء على حد سواء، إلى درجة أن أحد النقاد طالب بإدراجها ضمن المنهاج الدراسي للمدارس المجرية. وكان من أهم المتحمسين للرواية رئيس جمهورية المجر آرباد غونس، وأطراها بكلمات حارة. كما حظيت روايته الثانية “شهرزاد 
 تقطف الزعتر في عنبتا”، الصادرة عام 2008، باستقبال من الوسط الأدبي العربي، ووصف الروائي المصري بهاء طاهر أسلوبها الساخر بأنه “امتداد لأسلوب إميل حبيبي”. أما روايته “جسور وشروخ وطيور لا تحلق” فصدرت في عام .