Friday 31 August 2012

ترنيمة امرأة: الرواية الرابعة للكاتب العراقي سعد محمد رحيم



أصدر الكاتب سعد محمد رحيم روايته الرابعة "ترنيمة أمرأة.. شفق البحر" وذلك عن دار فضاءات - الاردن، وجاءت بـ 240 صفحة من القطع المتوسط... زمن احداث الرواية في نهاية التسعينيات وبداية الالفية. نقتطع هذه الكلمات "تنتزعني كلوديا من بلادة الصيف. من ذلك المرض الوجودي الرفيع الذي اسموه السأم، ومن الاحساس بالتوحد واللاجدوى. فعلى الامتداد الشذري للبحر تمنحني بشقاوتها مذاقا للاشياء، كنت افتقدته منذ زمن بعيد، وولعا بالحرية والحياة

في حضن الجنية رواية جديدة للكاتب يوسف معوض


  
صدرت عن شركة 'رياض الريس للكتب والنشر' رواية جديدة للمحامي يوسف معوض بعنوان 'في حضن الجنية'. تحكى الرواية رحلة تيه لشاب في العالم السفلي، والى جانبه امرأة تهلوس وتقوده وراء اوهامها حتى الرمق الاخير، عابثة بكل القواعد.. الى ان تأتي ساعة الحساب.
ينتقي المؤلف عباراته بدقة. جملة مقتصدة ومباشرة. اما الموضوع ففيه الكثير من الغرابة والجدة.
في الفصل الثاني من الرواية يخاطب احدهم الشاب التائه بقوله:
'انها حكاية بسيطة انزلقت اليها. حكاية لم تلعب فيها دورا محددا. غرقت فيها على حين غرة. على كرسي اتهام امام اللجنة تحاول ان توضح الامور. لو ترك لك الكلام الاسترسلت. انما طلب اليك ان تخرس، ان تنسى. هكذا وبكل بساطة، فالتزمت. لن تطالب بأي تعويض، لن تلاحق. هذا ما افهموك اياه! والرجاء ألا تظهر مجددا. لا داعي لتبرير موقفك، على اي حال لم يترك لك الخيار. لا، لا تحاول ان تبرئ نفسك. قيل لك ان المشكلة طي الكتمان. انسها، هيا ارحل. تمنوا عليك ان لا تأتي على ذكرها من بعد، وألا يسمعوا باسمك مجددا.
لن تكسب النقاش هذه المرة. أفحموك والحكم مبرم'.
الرواية تقع في 224 صفحة من القطع الوسط.

Thursday 30 August 2012

عجائب بغداد: رواية جديدة للكاتب العراقي وارد بدر السالم



البحث عن هوية ضائعة في… عجائب بغداد لوارد بدر السالم
قراءة لميس حسون
في بيروت صدرت مؤخراً عجائب بغداد رواية العراقي وارد بدر السالم، وهي عمله الروائي الرابع في تسلسل أعماله السردية والسادس عشر في مجمل أعماله الأخرى في القصة القصيرة وأدب الرحلات والنصوص الأخرى. 
يبدو عنوان الرواية عجائب بغداد كما لو أنه يحيل القارئ الى رحلة اكتشاف سندبادية في خفايا ألف وليلة المعروفة، لكنّ قراءة الصفحات الأولى تدخل القارئ إلى عالم الرّاوي الموزّع على مكانين متوازيين الأول بغداد الغارقة في الظلام والانفجارات، والثاني مخيّلة الراوي وما اختزنته من جماليات سحرته في البلدان الآسيوية التي زارها في أسفاره العديدة.
تتوزّع الرواية على مفاصل مشهدية تتضافر في مجموعها لتلقي الضوء على الأعضاء البشريّة المتناثرة في أماكن مختلفة من الرواية. وكما يتضافر الأصبع مع الجثّة الفاقدة الرأس مع رماد الفتاة المحترقة ليشكلوا حالة المواطن العراقي الذي شرذمته صراعات الداخل وأطماع الخارج، تصير أجزاء الرواية ومفاصلها وحدة متماسكة يشدّها خيط واحد وهو البحث عن الهويّة.
يتداخل السّرد بالوصف كأداتين يعتمدهما الكاتب وهو يدخل القارئ إلى عالم الراوي ليواكب رحلته من دبي إلى بغداد كمراسل صحفي… ورحلته النفسيّة كانسان يبحث عن هويته. 
فالراوي انطلق برحلتين، خارجية وداخلية، تسيران جنبا إلى جنب يحرّكه شعور لاواعي بالبحث عن جذوره. ففي بغداد، يتربّص الموت بالعراقيين ويرديهم جثثا تضيق بهم برادات المشرحة وممراتها الباردة… أو أشلاء مرميّة على سطح أو شرفة أو زاوية طريق. لكن أن يتحوّل النهر إلى مقبرة لمئات الجثث، فهنا يكمن مغزى الرواية. فالكاتب جعل من الصيّاد صائد هويّات ينتشلها من جيوب الجثث الغريقة قبل أن يلقي بها في النهر صيدا للكلاب الجائعة التي استوطنت جزيرة من القصب في وسط النّهر. 
ما يشدّ القارئ إلى رواية عجائب بغداد هو شخصيّة الأستاذ الذي يحاول أن يقيم مدينته الفاضلة على الجهة الأخرى من النّهر. بيوت من صفيح ومقهى يصير قبلة الهاربين من جحيم بغداد واللاهثين خلف حلم بوطن، يستطيع فيه الفرد أن يجيب على السؤال من أنا .

Wednesday 29 August 2012

رواية اردنية جديدة: يا صاحبي السجن..أول رواية للكاتب أيمن العتوم




صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية جديدة للكاتب أيمن العتوم تحت عنوان  ياصاحبي السجن
وهي الرّواية الأولى له، وأغلب صفحاتها تدور حول مذكّراته في مرحلة سَجْنِه. ويُمكن وصفها بالرّواية الّتاريخيّة . تقع الرواية في 344 صفحة من القطع المتوسط . تصميم الغلاف زهير ابو شايب .

يقول الكاتب خليل الزيود في قراءة له للرواية "مساكين أولئك الذين ظنوا أنَّ الموت أو الغياب السحيق سوف يُودِي بصاحب الجبّ، لم يَدُرْ في خلدهم يوماً أن الفضاءات المطلقة تبدأ من الجحور الضيقة ... هنالك تصنع الحياة، ويُعاد ترتيب مُكوّناتها ... هناك يتهجّأ الإنسان حروف ولادته من جديد ... “

في ظلِّ هذه الحروف تنقّل بنا الكاتب في ثلاثمائة وأربع واربعين صفحة وُزّعت في سبعةَ عشر فصلاً حملتْ في تضاعيفها سبراً لغور النفس الإنسانيّة، ومن هذه الفُصول نقرأ العنوانات الآتية: (يقصُّ الحق، ادخلوا مساكنكم، اقرأ كتابك ... ) حيث وسمها الكتاب بـ (يا صاحبي السجن) فبدأ يجمع من الغبار المتناثر في الأجواء خيوطَ حكاية أعاد نسجها ليخرج ثوباً جديداً... وقد غاص الكاتب متئداً في ذاكرته متوجِّسًا من لسان التاريخ الذي ما رحم المزايدين ولم يغفر للكذبة ...

الرواية تشوّق كلَّ قارىء يريد أن يقرأ في أدب السجون بقالبٍ أدبيٍّ عالٍ وضمن سبرٍ لغور النفس الإنسانيّة.

رواية جديدة "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" لطارق إمام



واية جديدة "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" لطارق إمام:

"عن دار العين للنشر، صدرت رواية "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" لطارق إمام، في 570 صفحة من القطع المتوسط، الرواية، التي تمثل الكتاب الثامن لطارق إمام، تستعيد حياة الشاعر السكندري اليوناني "قسطنطين كفافيس" (1863 ـ 1933) والذي ولد ومات بالإسكندرية وقضى بها حياته كلها. وترصد الرواية نحو سبعين عاماً عاشها الشاعر، راسمةً في الوقت نفسه صورة واسعة
لمدينة الإسكندرية "الكوزموبوليتانية" بين أواسط القرن التاسع عشر إلى العقد الثالث من القرن العشرين، كما تقترب الرواية من كفافيس المتخيل بقدر ما تعيد استقراء ومراجعة سيرته الذاتية المعقدة والغامضة في الكثير من جوانبها.. طامحة في طرح قراءة مراوحة بين الواقع والخيال، وبين التأريخ ووهم التأريخ.

وتطرح الرواية عديد من الأسئلة حول مفهوم "الهوية" متخذة من الشاعر الشهير والمثير للجدل نموذجاً لقدر غير قليل من الأسئلة المعقدة، منها طبيعة علاقته كمغترب، بالمفهوم الثقافي الأشمل الذي يحوي بدوره أكثر من منحى يعمق ذلك الاغتراب، منها مثليته وطبيعة أفكاره واختلافه حتى في سياق القصيدة اليونانية التي كانت تكتب في وطنه الأم أثناء حياته، وعلاقة كل ذلك بحياته في مدينة جنوب المتوسط متشعبة الطبقات، المتجاوزة لحدودها الجغرافية على المستوى الثقافي، والقلقة بدورها في الوقوف على ملمح يمنحها هويتها، التي ظلت دائماً غير المستقرة، ومستقطبة، بين أوروبيتها ومصريتها.

وبالتوازي بين كفافيس والإسكندرية يتحرك السرد كاشفاً عن العلاقة الملتبسة بين الفرد والمكان، مع حضور لعدد غير قليل من الشخصيات، مختلفة الجنسيات والأطياف والمعتقدات، والكاشفة لعدد من جوانب كفافيس و"إسكندريته" في نفس الوقت.

الرواية الجديدة هي الرابعة لإمام، بعد "شريعة القطة"، "هدوء القتلة"، و"الأرملة تكتب الخطابات سراً"، فضلاً عن أربع مجموعات قصصية، هي "طيور جديدة لم يفسدها الهواء"، "شارع آخر لكائن"، "ملك البحار الخمسة"، و"حكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة مات فيها" والتي فازت مؤخراً بجائزة ساويرس.

وحصل إمام على سبع جوائز أدبية مصرية وعربية في القصة القصيرة والرواية، أبرزها جائزة الدولة التشجيعية بمصر 2010، وجائزة ساويرس (مرتين) وجائزة سعاد الصباح
."

أسفل خاص: رواية عراقية جديدة للكاتب اسعد الهلالي



عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، صدر للروائي والمخرج العراقي "أسعد الهلالي" رواية «أسفل خـاص» والحائزة على جائزة الإبداع الثانية عن دار الشؤون الثقافية العامة في العراق، يونيو 2012م. الرواية تقع في 196 صفحة من القطع المتوسط، تصميم الغلاف: مهند العاني.

تحكي الرواية كيف واجهت الفتاة الجميلة ذات الوجه الأبيض المشوب بالحمرة؛ رجال المدن الصخرية وهم لا يرون فيها سوى أسفلها الخاص؟.. الفتاة التي رافقت في طفولتها رحلة والديها من العراق إلى إحدى القرى اليمنية، حيث كبرت وهي تعيش دوامة فاجعة أبيها الشاعر - مدرس اللغة العربية - على يد متنفذ قروي شارك أمها خيانة والدها ثم قتله ليتمكن من الزواج بالأم والتحرش بالصبية التي كبرت رافضة. وحين أوشك على الاقتراب من أسفلها الخاص هربت إلى المدينة التي غدت كالدوامة تحاول جذبها دومًا إلى قاع لا تريد الوصول إليه.
لم يرَّ أيٌّ من الرجال روحها الشاعرة وغربتها المرتبكة بين وطن بعيد غادرته طفلة وتعلم أنه غائص في حصار مرير، ومدينة صخرية مكتظة بالمنتمين فقط إلى فحولتهم.. أتراها كانت تكرر الفرار منهم، أم من الأسفل الخاص.. الذي صاروا يستهدفون كونه خاصًا؟..
إلى أين سيقودها هذا الفرار وهم يتوزعون على الطرقات؟...
.
 

Monday 27 August 2012

مرافئ الحب السبعة رواية جديدة للكاتب العراقي علي القاسمي



صدرت عن المركز الثقافي العربي في بيروت والدار البيضاء رواية بعنوان 'مرافئ الحب السبعة' للكاتب العراقي المقيم في المغرب علي القاسمي. وتقع الرواية في 321 صفحة من الحجم المتوسط.
ويضعنا الاقتباس الذي يزيّن الغلاف الخلفي في أجواء الرواية:
' جئتِ كالحُلم وكالحُلم مضيتِ. حلمٌ لن يُنسى. وبقيتُ أنا أغوص في أعماق ذاتي، أغرز رايات انكساري، وأبحث عن كُنه الحبِّ. آه لو أنَّي أعرف سرَّ الحبِّ، لأدركتُ سرَّ وجودي، وسرّ رحيلي، وأسرار العيون التي تحيّرني ألغازها. ولكن عقلي عاجزٌ عن إدراك أيّ شيء.
ستمضي حياتي موشومةً بثلاث نسوة: امرأة أرادتني وأردتها، ولكن القدر لم يُرِدنا معاً؛ وامرأة أرادتني ولم أُرِدها فكسرتُ قلبها، وظلَّ ضميري مصلوباً على خيبة أملها؛ وامرأة أردتُها، ولكنّها لفظتني ولم أستطِع نسيانها. وأنت المرأة الأخيرة، يا أثيرة. هل أستطيع أن أحتفظ بالماضي كما هو في ذاكرتي المزدحمة بالذكريات، دون أن أعيد تشكيل أحداثه في ضوء الحاضر؟'
وإذا كانت هذه الفقرات تلخّص العلاقات العاطفية للشخصية الرئيسية في الرواية، سليم الهاشمي، فإن الرواية، في جوهرها، هي رواية الغرباء والمهجَّرين واللاجئين والمنكوبين، تصوّر معاناتهم النفسية، وتغوص في أعماق وجدانهم، لتكشف عن خيباتهم وانكساراتهم وآلامهم. فسليم يضطر إلى الهرب من العراق مع صديقه زكي، إثر انقلابٍ عسكري في بغداد، واللجوء إلى لبنان. وبعد اغتيال زكي في بيروت بتدبير من سلطات بلده، فرّ سليم الهاشمي إلى أمريكا لمواصلة دراسته العليا. بيدَ أنه، بعد أن حاز الدكتوراه، أُصيب بمرض الحنين، والشوق بلهفة إلى الوطن: 
' يا وطني المستحيل! إني أفتّش عنك منذ سنين، بين ركام الذكريات، وأبحث عنك في فضاءات الأوجاع والأحزان والفجائع والمقابر الجماعية. أتسقّط أخبارك،... فلا يصلنى إلا صدى أنينك، وأنتَ بين مخالب اللصوص، وتحت سكاكين العتاة والطغاة والغزاة...

استخدم الكاتب بمهارة تقنيات سردية متعدّدة مختلفة مثل: تعدّد الأصوات، والحوار، والرسائل، والمذكّرات، والتناصّ، والتكرار البلاغي، وتيار اللاوعي، وغيرها، مما زاد من تشويق الرواية وجاذبيتها. وتراوح أسلوبها بين الشعر، والمونولوج، والنثر الأدبي الجميل.
والمؤلّف، الدكتور علي القاسمي، كاتب باحث متعدّد الاهتمامات، له أكثر من أربعين كتاباً في القصة القصيرة، والنقد الأدبي، والترجمة، وعلم المصطلح، والمعجمية، وحقوق الإنسان، والتنمية البشرية، والتربية والتعليم. وقد نقل بعض روائع الروايات العالمية إلى اللغة العربية. وهو عضو في عدد من المجامع اللغوية والعلمية العربية والهيئات الثقافية الدولية.

Sunday 26 August 2012

مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي مصطفى الدقاري



في قصة "نساء وطين"/ص63 يشير السارد على لسان امرأة "أن لكل منا حكاية يحكيها كيف أراد"، هو نفسه يبحث عن رائحة التراب إذ تسعفه ناصية الحكي على تلمس ملامح "الوطن"، وهنا لا يهم الطريقة سواء عبر التلاعب بالألفاظ أو التلفظ بجمل ناقصة فالجميع يلهث وراء تلك الرائحة. تلك إحدى سمات القصة عند القاص مصطفى الدقاري {أستاذ اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية في جامعة بايون بفرنسا} في مجموعته القصصية " خيط رفيع" والصادرة ضمن سلسلة الضفة الأخرى التي تهتم بأدب المهجر. وتصدر بشراكة بين دار القرويين ومنشورات مجلة أجراس الثقافية بالمغرب. يحمل غلاف الرواية  لوحة  للفنان الهييتي لوفوي إكسيل.
وتتألف المجموعة من ستة عشرة قصة تترصد "خيطا رفيعا" يستعيد من خلاله صورا غابت للذين رحلوا، "لم يبق منهم إلا بعض الصور الباهتة صور حقيقية وأخرى ذهنية"، عن هذا الغياب يشيد السارد تفاصيل ّ"التذكر" من خلال شخصية واحدة بنفس الملامح والسمات تحاول عبثا أن تترصد حكايات "أغرب من الغراب"/قصة انفلات، ص5. أو عبر استعادتهم ولو من خلال صور متشظية/ قصة "تلك الصورة،ص19، أو من خلال "خيط هلامي" يعبر إليهم/قصة "خيوط صفراء"،ص29. القصة "أشبه بالشرفة"/قصة "مايشبه الهلوسة"، ص55 إذ تتحول الى "محراب سردي" يجمع من خلاله السارد تفاصيل أناس وشخوص تائهة أو رحلت أو تسكن بعيدا في الذاكرة. ولعله التيه الذي لزم قصص المجموعة ككل في التقاطها التفاصيل وفي بحثها المضمر عمن يكون "موضوعا" للحكاية، حتى أن السارد يضطر للجوء الى الأطفال حيث يرسمون ملامح خاصة لحكيهم.
مجموعة القاص مصطفى الدقاري "خيط رفيع" جامعها الحنين، والحكي هنا خيط تتلبس به ذات السارد كي تستعيد جزءا من الماضي. هي تفاصيل تقتصد في استعادة أوجه الحنين كي تعيدنا الى أسئلة الكتابة "من الضفة الأخرى" حيث سؤال الهوية والمنفى. وهو ما يضيف ألقا خاصا لخاصيات الكتابة القصصية، رغم أن قصص المجموعة ككل لا تدعي فتوحات في هذا الباب، فجل القصص تحافظ على البناء العام المؤطر للقصة القصيرة. "لو فقط أنعم بالنسيان"/قصة "من ينسى"،ص61،.
هكذا يظل حنين السارد جارفا يحاول قدر الإمكان إعادة بناء صور "حقيقية أو ذهنية" باهتة أو مكتملة" لكنه يصر على إعادة بناء صورة الماضي العائلة، الوطن، ذاته. جميعها مرتبة في صندوقه "المعدني الصغير" وهنا يتحول الحنين الى مطية للحكي. حكي مايراه السارد ملائما كي يظل مترصدا "لتلك الرائحة" لعلها تسعفه في الصمت. خصوصا مع إحساسه المثير بالفقدان والتشظي وهو هناك في "الضفة الأخرى" حيث لا يمكنه الحياة دون ذاكرة وحنين. وهو ما يشي بتحول سؤال الكتابة القصصية لدى القاص مصطفى الدقاري الى سؤال وجودي وصدى للهوية المفتقدة وبديل عن اغترابه المضاعف، إذ لا يملك في النهاية إلا القصة والحكي كبديل ليقظة الذاكرة وحيويتها. عموما تظل الكتابات المغربية في "المهجر" تثير دائما بحيوية أسئلتها، وبرؤاها وبالصيغ التي تطرحها في برامجها السردية والشعرية والروائية. 
في النهاية، عملية الاسترجاعات المتواصلة هي جزء من استعادة "الراهن" كي يوطد من خلاله علاقته بالوجود وكي يصبح لراهنه جدوى في أن يعيش من خلال "القصة" حياة قابلة للاستمرار. بهذا العمق الوجودي يحولنا سارد "خيط رفيع" 16 نصا قصصيا مجتمعا في مجموعة هي البيت الذي يراه لائقا لشرفاته وصور من ألبوم الحياة.

Thursday 23 August 2012

"رقصة التنين" مجموعة قصصية جديدة للقاص العراقي عامر هشام الصفار



كتب الدكتور عبد الرضا عليّ
حول المجموعة القصصية للقاص عامر هشام الصفّار "رقصة التنين": يقول


   الذين يكتبون القصّةَ القصيرةَ جدّاً يُدركونَ أنّ هذا النوع من السردِ يُعنى باللمحةِ الدالّةِ، والفقرة المركّزة، والمغزى الموحي بما وراء السطورِ، وصولاً إلى جعلِ بقعةِ الضوءِ تتوزّعُ في دروبِ الأنفسِ التي ملّتِ العَتَمَة، وهم بذلك يُحقّقونَ ما ينشدون من هدفٍ سامٍ لثقافة الإبداعِ الإنساني الحرّ.
   وليسَ تنطّعاً أنْ نقولَ : إنَّ عامر الصفّار "الطبيب النطاسي الحاذق" هو واحدٌ من البارعينَ في هذا النوعِ من السردِ، وقد مارسه منذ سنوات طوال، وكان (ولا يزال) حاذقاً فيه، مع أنه يكتبُ نصوصَهُ المفتوحة، وتعليقاتِه النقديّة من غيرِ أن يُغلّبَ نوعاً على آخر. وبهذهِ الرؤيةِ المستنيرةِ يمكن لذاتهِ المبدعةِ أنْ تحققَ شموليّتِها في الثقافةِ الأدبيّةِ : سرداً، ونقداً، وشعراً.
   ومعَ أنَّ هذه القصصَ" القصيرة جدّاً" تقومُ على تقنيةِ الراوي الموضوعي الذي يحاولُ أنْ يلتزمَ الحيدةَ في الإخبار السردي، إلّا أنّ هذا الراوي يفقد أحياناً حياديّتهُ، لاسيّما في اللمحات التي تعالجُ أموراً فكريّة، أو مواقف لا تخلو من ظلالٍ حيويّةٍ، وليسَ هذا عيباً، فللمثقفِ حريّته في الأداء .
   لوحات هذه القصص تناولت محاور عديدة، تراوحت بين اليومي، والمهني، والفكري، وإن كانت لوحات الفكري قليلة بالقياسِ إلى المحورينِ الآخرين، لكنَّ جميع تلك اللوحات أدّت أغراضها الفنيّة التي وضعتها شأواً لها باقتدارٍ وتمكّنٍ مميّزينِ، فاقتربت أحياناً من اللمحةِ الشعريّة الدالّة، أوالتوقيعة التي توحي بالمغزى المراد، وكأنّها حِكَمٌ لتجارب آخرين لا يمكن أن نستغني عن قراءتها، لهذا أدعو القارئ الجاد أن يُشاركني متعة القراءة، كي يكتشف بنفسهِ أنَّ ما في هذه القصص القصيرة جدّاً من إمتاعٍ سرديٍّ لن يدعه يُغادرها دونَ أنْ يُتمَّ قراءتها دفعةً واحدة، وليسَ هذا بالقليل.

                                                                          أ.د. عبد الرضــا عليّ

قشور بحجم الوطن: رواية جديدة للكاتب العراقي ميثم سليمان



صدر، حديثا، عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، الرواية الأولى للكاتب العراقي ميثم سلمان، بعنوان: «قشور بحجم الوطن»، وتقع الرواية في 112 صفحة من القطع المتوسط .

ونقرأ على الغلاف الآخير للرواية: في روايته «قشور بحجم الوطن»، ينشغل ميثم سليمان بالكثير من الأسئلة التي تتعلق باغترابه عنه، عن وطنه، وعن اسمه الحقيقي، فنراه يفتش في تفاصيله، ليؤكد -ليس للاخر بقدر ما هو لذاته- إنه ما زال يمتلك ملامحه، جذوره التي باتت هاجسا حقيقيا بالنسبة له، إلا أننا نرى إلى أي حد أدخلته الغربة في حالة من التشظي، حالة لم تتعدَ كونها استمرارا لحالة الاغتيال التي مارسها القتلة في الوطن فاضطرته للإبحار في اتجاه حلم الغربة الذي اضطره بدوره للهرب في اتجاه حلم مفتوح، هربا من الإحساس بالعجز والضياع.

يذكر أن الكاتب من مواليد 1970، ولد في العراق عام 1970، تخرج من كلية الآداب/ جامعة بغداد عام 1994، ساهم في ملف القصة القصيرة جدا في مجلة المجرة الفصلية المغربية (عدد 13)، وحصل على شهادة تقديرية في مسابقة جليل القيسي للقصة القصيرة 2009 ، ونشر الكثير من القصص والنصوص والمقالات السياسية في الصحف والمواقع العربية والعراقية

Sunday 19 August 2012

عدنان المبارك وأصداره الجديد "سر الرمل" مجموعة قصصية



عن موقع ( القصة العراقية ) الإلكتروني صدرت مجموعة قصصية جديدة للكاتب العراقي عدنان المبارك ، بعنوان ( سرّ الرمل ). وتضم إحدى عشر قصة من العامين الماضي والحالي. وتستهل المجموعة ثلاث قصص تحت عنوان ( ثلاثية راسموسن ) وتتفرع منه عناوين أخرى يخص كل واحد منها أحدى هذه القصص. وكما ألفه قارئ المبارك ثمة مزج سردي للوقائع الفعلية والأخرى من منطقة الأحلام وتفاعلات المخيلة وما يجيء به الاثنان - الوعي واللاوعي. مثلا تتناول هذه الثلاثية بعض التجارب التي مر بها المؤلف أبان نزوله في نهاية العام الأخير والأشهر الأولى من هذا العام ، في مستشفيين. وفي الثلاثية يخلق المبارك شخصية أستل ملامحها وعدد من أبعادها من ( أنا ) المفكر الدنماركي سورين كييركيغور وتاريخه الشخصي. ويكتشف القارئ مرة أخرى أن كل شيء هنا - من وقائع وفنتازيا وأحلام - قد صهر في بوتقة السرد. وتتكرر المعالجات نفسها في القصة الرابعة ( الرقص على السرير ) وهي عن لقاء متخيّل مع أميل سيوران. وفي قصة بعنوان ( في غرفة الطابق الأول تلك ) يحشر الكاتب الشيطان ، في غرفة واحدة ، مع عدد من مختلف أصناف البشر المجهولين عدا واحد كأنه الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس . والقصد هنا خلق مواجهة فعلية بين الشر والخير وفق التجارب التي جاء بها التأريخ بالدرجة الأولى. وفي قصة ( عن الوصية الأخيرة ) تسعى شخصيتها الرئيسية الى أن تكتب وصيتها التي تصبح هنا مجرد اعترافات لما فعله بطلها في حياته.
تخلق قصص المبارك ، عامة ، انطباعا بأنها في ذات الوقت تبتعد وتلتصق بالواقع ، وفق التسمية التقليدية ، وأن كاتبها يتصرف بالزمكان بمطلق حريته خالقا تصوراته الخاصة عن كل شيء بدءا بالذات والتاريخ والإنسان والرب ، وعالمه الخارجي بل الكون أيضا. ويصعب القول أنه انطباع لا يخلو من الوهم، بل كل ما في الأمر أن المبارك يتوجه الى ( قارئ آخر يتفهم " اللامألوف " ) على حد تعبيره. ويعترف بأن ما يجذبه هو السرد الذي يتناول شتى المظاهر والافتراضات المتعلقة بمستويات الواقع وبضمنها مستويات واقعنا بفينومينولوجيته المألوفة. ويجد أن نشوء رباط متين ودائم مع القارئ الحالي ، وليس الآخر من المستقبل ، هو أمر بالغ الصعوبة ، فالقارئ محض تجريد يلفه اللايقين. بالطبع هناك قارئ له تجارب وتصورات ومنطلقات تتقارب مع التي عند الكاتب ، و قارئ آخر ، تقليدي ، غير مكترث لتجارب مختلف الكتّاب ، فلديه نماذجه الحياتية والذهنية التي يسترشد بها عند تعامله مع النفس والعالم الخارجي ، ولدى هذا القارئ تمسك صارم بالمنطق العام وقوانين ذلك المستوى الشائع للواقع. وفي معرض الدفاع عن توجهاته في الكتابة السردية خاصة يذكر المبارك أن أكبر ضربة ُتوّجه الى الفن حين يتم إخضاعه لمفاهيم يكمن خطرها ، في تبسيطها لظواهر بالغة التعقيد مثل الوجود وعوالم الإنسان الداخلية والخارجية والموت وأسرار الحياة وآليات المجتمع وغيرها ، كما يكمن في تبسيط العلاقة بين الإنسان والواقع خاصة أن الأشياء ، وكما يقول ألان روب غرييه ، ليست في نظام نهائي على الإطلاق. ومن جهة أخرى يكمن هذا الخطر في النزعة الماكيافيللية عند التعامل مع الفن كوسيلة يبررها هذا الغرض وذاك. وتأتي قصص المجموعة الجديدة ( سرّ الرمل ) ، وهي مجموعته الحادية عشرة ، مواصلة ، لكن غير روتينية ، لهذا النهج الذي يأخذ به المبارك في الكتابة السردية خاصة. ونقرأ في مقدمة المجموعة والتي كتبها أسماعيل غزالي: أن كل ما يحدث في الكتاب يقع داخل منطقة هلامية ، عبر المنامات أو الغرف الآهلة بالأشباح و الرؤى ( المستشفى مثلا ) و في عربات القطارات المارقة أو الصحراء و الأرض اليباب. فالمنامات الشبيهة بأبديات صغيرة هي تجسيد رمزي لظلال الموت الوارفة وغرف الانتظار الشبيهة ببرازخ متأهبة هي نفسها تجربة العيش داخل الجسد و القطارات المارقة الشبيهة بإيقاع هنيهة الحياة هي استعارة حادة لانعطافات الذات في واقعها الموهوم و الصحراء والأرض اليباب نقطة انطلاق أزلية من الصفر نحو الصفر . وعبر هذه الانشطارات و الانسلاخات يضعنا عدنان المبارك في صلب دوامة انسانية طاحنة وماحقة ، يجيد فيها ببراعة ، نزع الأقنعة ومجابهة الكارثة بكل بسالة وجرأة نادرتين.ولا يروم عدنان المبارك بطولة استعراضية من وراء ذلك ، بل يجسد المواجهة النبيلة والتناغم العجيب لفكرته الصادمة في محك النهايات الصارخة والعاتية. وهنا يستضيف هذا السومري الفذ ، أقرانه في مهب الزرقة اللامكانية المستشرية : سورين كيركارد و نيتشه و ماتسوو باشو وماركوس أوريليوس وصامويل بيكيت الخ (... ). إن كتاب سر الرمل ، سرد يلغي فن القصة ظاهريا ، و يخاصرها باطنيا ، إذ يتحول كل شيء إلى أداة لعينة لحفر الذاكرة المحتشدة بالخراب و القبض على مسوخ الحيوات المتشظية للذات. هو كتاب يفخخ السؤال ، ولايرتضي غير العري الفصيح لغة والموسيقى أبدية. فكما ألمعت في ورقة سالفة حول سرد عدنان المبارك ، ثمة فونوغراف يقبع في جهة خفية وراء كلماته يدلق موسيقى باخ ، غير أنها دامغة هنا وأشد توترا في ( سر الرمل ) ، خاصة حينما يصل القارئ إلى هذا الضلع المتوقد كنصل مدية في مختتم الكتاب : ( حان الأوان كي ينتهي هذا الحلم ، أكيد أنه حلم ، وستوقظني الساعة المنبهة في الأخير. لكن بحق السماء كيف عرفت ، وأنا في أثناء الحلم ، بأني أحلم ! ) .

"قص ناقص" مجموعة قصصية جديدة للكاتب المغربي عبد الأله الخديري



عن دار الوطن للصحافة والطباعة والنشر بالرباط، صدرت مؤخرا للقاص المغربي عبد الإله الخديري مجموعة قصصية بعنوان: "قص ناقص" وتقع هذه الأضمومة في 97 صفحة من الحجم المتوسط، تتصدر غلافها لوحة تشكيلية للفنان المغربي نجيب أمين.
تضم المجموعة القصصية 91 نصا قصصيا منها: "عشتار"، "في باب الحلال والحرام"، "هارب"، "أصنام"، "ليلة شتوية"، "محامي"، "شحاتة"، "دعوة جافة"، "ألوان"، "يائس"، "وحدة"، "شاة"، "الصغير"، "هوية"، "دكان"، "طاقة بديلة"، "عقد"، "سهر"، "فتوى مرتجلة"...
وقد جاء في كلمة الناقد المغربي حميد ركاطة: «لا يمكن لقارئ مجموعة قص ناقص لعبد الإله الخديري إلا أن يجد نفسه أمام كاتب متمرس يمتلك لغة شفافة، موحية، تعمد على خط مسارها في مجال الكتابة في جنس عنيد وصعب المراس. فالقص يمتلك هاجس التعبير الفني الراقي عن قضايا مجتمعية من خلال توظيفات متعددة، اعتمدت التناص، والميتاسرد، أحيانا وأحيانا أخرى الأسطورة والحكاية والنكتة من خلال الانفتاح على فضاء الواقع أو الحلم أو العجائبي....«
كما جاء في ظهر الغلاف كلمة الأستاذ عبد النبي الشراط (الناشر) « مجموعة "قص ناقص" لعبد الإله الخديري تعج بالمفارقات والسخرية من الواقع ارتكزت على توظيف حقائق التخييل الذاتي حينا، وعلى الحلم أحيانا أخرى، أو التأمل في رصدها لهنات شخوصه، تميزت بالكثافة والعمق، تحمل في طياتها روح القص المعتق والعاصف. لقد عرت نصوص هذه المجموعة عن عمق التناقض الذي يسكن ذات الفرد، وأبرزت حيرته وعجزه في مواجهة المواقف الحياتية المختلفة، ما جعلها نصوصا محملة بغرابة وجنون وسخرية. ستمنح القارئ ولا شك متعة كبيرة. نصوص تمتح من السير ذاتي والنفسي والتراثي، والأسطوري، والتناص والتداخل الأجناسي، حابلة بدرر وأنفاس نهايات متعددة وعاصفة«.
والجدير بالإشارة أن الكاتب المغربي عبد الإله الخديري، شاعر وقاص وزجال مقيم بإيطاليا، حاصل على الاجازة بالأدب العربي حول موضوع: "التراث والاحتفالية: في المسرح المغربي مسرحية ابن الرومي في مدن الصفيح نموذجا للاحتفالي"، نشر عدة نصوص ببعض المواقع والمنتديات الأدبية.

Thursday 16 August 2012

رجال للبيع: رواية جديدة للكاتب حسين العموش



عن دار فضاءات للنشر والتوزيع صدرت الرواية الثانية للصحفي  والكاتب الدكتور حسين العموش بعنوان : " رجال للبيع " وتقع في "196" صفحة من الحجم المتوسط. 
رجال للبيع رواية جاءت بسبع فصول، تلفتك لغتها الحادة، وبنائها السردي المتناغم والمشوق، تتحدث فكرتها الرئيسية عن شاب أردني ناضل والده على حدود القدس ففقد عينه أثناء عمله النضالي، شعلة من الحماس كان الابن، ينافح عن الفقراء والمستضعفين ويروي حكاية والده بكل الفخر، إلا انه سرعان ما يسقط  في إغراءات المال والسلطة والفساد.
من الرواية:
اختلطت عليّ الأحداث.. تحولت إلى دوامة في رأسي بينما مها المتعبة نائمة في غرفة النوم.. منذ اليوم ليس هنالك سيارة حكومية تستعملها.. ليس هنالك راتب ألف دينار.. ليس هنالك امتيازات وعطايا.. عليك أن تتدرب على ذلك.. منذ اليوم عليك أن تعرف أنك مواطن عادي.. صحفي ليس إلا.. وأي صحفي.. صحفي مع شريط لاصق أُلصق على فمك إلى الأبد.
 تذكرت مقالاتي الأولى التي كانت توجع الحكومات، وتصيبها في مقتل.. تذكرتُ مقالة عن مكاتب التاكسي التي تم توزيعها على زوجات المسئولين، وعلى أنسبائهم ومحاسيبهم.
 تذكرت مقالة ساخرة أخرى، قلت فيها أن الحكومات مثل الجلطة تأتي على غفلة.. وتذهب على غفلة.. تحيي أناساً وتميت آخرين..

Thursday 2 August 2012

يا مريم: رواية جديدة للكاتب العراقي سنان أنطوان

مقطع من رواية: يا مريم للكاتب العراقي سنان أنطوان

لا أحد يعرف تاريخ الصورة بالضبط، لكن يوسف يتذكر بأنها التقطت ذات جمعة قبل أشهر قليلة من حركة رشيد عالي الكيلاني عام ١٩٤١، أي أنه كان في الثامنة من عمره. والتقطت في بيت العائلة القديم في عقد النصارى الذي كانوا يتقاسمونه مع عائلة عمه يوحنا. مر المصور الأرمني على الشارع بيتاً بيتاً يحاول إغراء العوائل بأن تلتقط صورة جماعية. تردد أبو يوسف في البداية لكن الجميع ألحّوا، خصوصاً أن أخاه يوحنا وافق وبدأ ينادي زوجته وأولاده كي يجتمعوا ويستعدوا للصورة. اختار المصور زاوية مناسبة في باحة البيت فيها ما يكفي من الضوء، وطلب منهم أن يعلقوا قطعة قماش بيضاء كبيرة على الحائط في حوش البيت لتقف العائلة أمامها كي تلتقط الصورة. بعد أن استُحْصِلَت الموافقة، وبعد أن انتهى المصور من التقاط صورة لعائلة يوحنا جاء دور عائلة كوركيس.
يبدو كوركيس، أبو يوسف، جالساً بوقار في قلب الصورة، يرتدي الصاية واليشماغ ملفوف حول رأسه على طريقة القادمين حديثاً من قرى الشمال، رغم أنه كان قد هجر تلكيف وجاء إلى بغداد قبل أكثر من ثلاثة عقود، إلا أنه رفض أن يغير ملابسه ويلبس «أفندي» مهما ألح عليه الآخرون. وظل يرتدي هذا الزي حتى موته عام ١٩٥٧. كانت ذراع كوركيس اليسرى تطوق عنق يوسف، ويده اليسرى تمسك بيد ابنه الذي كان يجلس إلى يساره، وكان كالعصفور لا يكف عن الحركة. أما يد كوركيس اليمنى، فكانت تستقر على ركبته اليمنى بعد أن سوّى شاربه مرة أخيرة، قبل أن يطلب منهم المصور أن يتوقفوا عن الحركة ويركزوا جميعاً على العدسة. ثم سحب لوحاً من داخل الكاميرا إلى خارجها وبدأ يعد من خمسة إلى واحد. بجانب كوركيس جلست زوجته نعيمة تبتسم ابتسامتها الواثقة. الصورة بالأبيض والأسود، إلا أن اختفاء الألوان عنها لم يخف بريق عينيها السوداوين واتساعهما الذي طالما سحر كوركيس وشجعه على أن يعود بعد سنين من التنقل بين بغداد والمحمرة، والعمل في الملاحة النهرية بين المدينتين مع أبناء عمومته، لكي يخطبها بعد أن كانت قد ظنت بأن بغداد أنْسته القرية ومَن فيها. حذّر البعض أهلها من أن يوافقوا على تزويجها، لأنهم قالوا إن الرجل منحوس، فقد ماتت زوجته الأولى وطفلاها غرقاً، وها هو سيأخذ نعيمة لتغرق هي الأخرى، لكن والدها لم يأبه بهذا الكلام، وكان سعيداً بتزويجها لرجل كان يثق بمعدنه، لأنه يعرف أباه، خصوصاً بعد أن عملا عمراً بأكمله بعضهما مع بعض يزرعان الشعير في أرضيهما المتجاورتين في تلكيف.
بدت نعيمة سعيدة في الصورة، فقد كانت «أمل» آخر العنقود، تتحرك في أحشائها بنشاط وتعلن عن وجودها وكأنها تريد أن تظهر في الصورة هي الأخرى، أو أن تلعب مع سليمة، التي كانت في عامها الثاني في حضن أمها. سليمة، التي أصر كوركيس على أن تحمل الاسم الأول لأشهر مغنية في العراق في تلك الأيام، سليمة مراد باشا. أرادت نعيمة أن تضيف المزيد من ثمار بطنها، ربما لتظل تعوض كوركيس عن زوجته الأولى وولديه اللذين ماتا مع أمهما قرب المحمرة في حادث يرفض كوركيس أن يستعيد تفاصيله. لكن قلب نعيمة توقف ذات ليلة بعد العشاء وفارقت الحياة بعد سنتين من تاريخ الصورة، وتركت لأكبر بناتها حنة، التي كانت تجلس بجانبها وتتشبث بذراعها اليمنى، حملاً ثقيلاً، فسيكون عليها أن تترك المدرسة في الخامسة عشرة من عمرها وتتفرغ للطبخ ولتربية إخوتها وأن تعمل بالخياطة خمس سنوات طوال كي لا تغرق سفينة العائلة، وكي يكمل إخوتها تعليمهم ويشقوا طريقهم في الحياة. وكان عليها أن تقدم تضحية هي الأكبر بنظرها، وهي التخلى عن حلمها بأن تكون راهبة تكرس حياتها للمسيح، فكرست حياتها للآخرين. وظلت عانساً بدلاً من أن تكون عروس المسيح الطاهرة وتلبس ثياب العذرية الأبدية البيضاء.
أما حبيبة، التي كانت تصغر حنة بثلاث سنوات لكنها أطول من عمرها ومن أختها، فكانت تقف وراءها بالضبط وتضع يديها على كتفي أختها الكبرى كأنها تشكرها مقدماً على كل ما ستفعله. ولم تكن تعرف بعد أنها ستكون في ما بعد من أوائل دفعات الممرضات في العراق، وبأن أول تعيين لها سيكون في السليمانية، في كردستان العراق. سينتقل الأب وبناته إلى تلك المدينة البعيدة كي يكونوا معها وهي تعمل هناك لثلاث سنوات، وبقي الذكور الخمسة في بيت عمهم في بغداد. كان راتب حبيبة يكفي لإعالة الجميع، ولأن يرتاح أبوها -بعد سنين قليلة- من عناء السنين ويظل في البيت بعد الإصابة التي ستُقعده.
طلب المصور من غازي وجميل وإلياس وميخائيل، الذين كانت أعمارهم تتدرج من السابعة إلى الرابعة، أن يجلسوا على الأرض تحت أقدام والديهم. كانت هذه هي الصورة الوحيدة التي تجمع العائلة بأكملها. تفرقوا بعدها في أرجاء البيت وأرجاء الدنيا ليظهروا في صور أخرى. غازي سيعمل في ال- «آي بي سي» في كركوك حتى عام ١٩٦١، ثم يعود إلى بغداد بعدها ويعمل مع شركة رابكو للأصباغ، ثم يهاجر إلى ميشيغان عام ١٩٧٩ ويعمل هناك سنين شريكاً في محل، قبل أن يستقر في سان دييغو، كاليفورنيا. جميل سيعمل مع شركة «شاكر إبراهيم وإخوانه»، ثم يسافر إلى بيروت عام ١٩٦٩ بعد أن يُعدموا صديقه بتهمة الماسونية. وسيظل هناك ولن يعود ولا مرة إلى العراق. إلياس كان الوحيد من بين الذكور الذي سيدخل الجامعة، سيدرس الحقوق لكنه سيتورط في السياسة ويدخل السجن مرات. أصغر الذكور ميخائيل، الذي كان المدلل، سيعمل بعد تخرجه من كلية بغداد، مثل يوسف، مترجماً، لكن مع عدة شركات أجنبية، ثم وكيلاً، قبل أن يستقر كمدير تسويق في السفارة الاسترالية عام ١٩٧٧.