Thursday 30 August 2012

عجائب بغداد: رواية جديدة للكاتب العراقي وارد بدر السالم



البحث عن هوية ضائعة في… عجائب بغداد لوارد بدر السالم
قراءة لميس حسون
في بيروت صدرت مؤخراً عجائب بغداد رواية العراقي وارد بدر السالم، وهي عمله الروائي الرابع في تسلسل أعماله السردية والسادس عشر في مجمل أعماله الأخرى في القصة القصيرة وأدب الرحلات والنصوص الأخرى. 
يبدو عنوان الرواية عجائب بغداد كما لو أنه يحيل القارئ الى رحلة اكتشاف سندبادية في خفايا ألف وليلة المعروفة، لكنّ قراءة الصفحات الأولى تدخل القارئ إلى عالم الرّاوي الموزّع على مكانين متوازيين الأول بغداد الغارقة في الظلام والانفجارات، والثاني مخيّلة الراوي وما اختزنته من جماليات سحرته في البلدان الآسيوية التي زارها في أسفاره العديدة.
تتوزّع الرواية على مفاصل مشهدية تتضافر في مجموعها لتلقي الضوء على الأعضاء البشريّة المتناثرة في أماكن مختلفة من الرواية. وكما يتضافر الأصبع مع الجثّة الفاقدة الرأس مع رماد الفتاة المحترقة ليشكلوا حالة المواطن العراقي الذي شرذمته صراعات الداخل وأطماع الخارج، تصير أجزاء الرواية ومفاصلها وحدة متماسكة يشدّها خيط واحد وهو البحث عن الهويّة.
يتداخل السّرد بالوصف كأداتين يعتمدهما الكاتب وهو يدخل القارئ إلى عالم الراوي ليواكب رحلته من دبي إلى بغداد كمراسل صحفي… ورحلته النفسيّة كانسان يبحث عن هويته. 
فالراوي انطلق برحلتين، خارجية وداخلية، تسيران جنبا إلى جنب يحرّكه شعور لاواعي بالبحث عن جذوره. ففي بغداد، يتربّص الموت بالعراقيين ويرديهم جثثا تضيق بهم برادات المشرحة وممراتها الباردة… أو أشلاء مرميّة على سطح أو شرفة أو زاوية طريق. لكن أن يتحوّل النهر إلى مقبرة لمئات الجثث، فهنا يكمن مغزى الرواية. فالكاتب جعل من الصيّاد صائد هويّات ينتشلها من جيوب الجثث الغريقة قبل أن يلقي بها في النهر صيدا للكلاب الجائعة التي استوطنت جزيرة من القصب في وسط النّهر. 
ما يشدّ القارئ إلى رواية عجائب بغداد هو شخصيّة الأستاذ الذي يحاول أن يقيم مدينته الفاضلة على الجهة الأخرى من النّهر. بيوت من صفيح ومقهى يصير قبلة الهاربين من جحيم بغداد واللاهثين خلف حلم بوطن، يستطيع فيه الفرد أن يجيب على السؤال من أنا .

No comments:

Post a Comment