Wednesday 20 June 2012

مخيم المواركة: رواية جديدة لجابر خليفة جابر


كتب سعد محمد رحيم:
في الرواية/ أية رواية، لا نعكس واقعاً قائماً بطريقة مسطّحة، في مرآة مستوية، وإنما نخلق واقعاً مناظراً.. نقيم تاريخاً لا يتطابق مع التاريخ الموضوعي. لكنه الواقع والتاريخ المبدعَين اللذين يؤمِّنان فهم الواقع والتاريخ الحقيقيين في العمق. في جوهريهما وروحيهما. فهل استطاعت رواية مخيم المواركة لجابر خليفة جابر أن تحقق هذا؟
تتناول الرواية تاريخ مجموعة من العائلات العربية الإسلامية ( المواركة ) المضطهدة والمقتلعة من موطنها في الأندلس على إثر سقوط الدولة العربية هناك حيث يتحرى الرواة عن أحداث وقعت في ذلك الزمان، وعن مصائر أبطالها وضحاياها، وما وقع عليهم من ظلم، وما واجهوه من مصاعب وتحديات في هربهم من مكان إلى آخر. والرواية تمثيل لجانب من تاريخ المسلمين هناك والصراع الحضاري الذي خاضوه ضد المسيحيين، لاسيما في نهاية الحقبة العربية والسقوط الدراماتيكي لدولتهم الزاهرة. وتتبعثر الحكاية في سياق وحدات سردية غير مكتملة ونهايات مفتوحة على الاحتمالات، لتتشكل بعد ذلك في إطار سردي متماسك. وكان يمكن لهذا أن يجعل من رواية مخيم المواركة رواية بوليفونية ( متعددة الأصوات ) بامتياز لولا المحمول الإيديولوجي الذي يُظهر الرواية منحازة لوجهة نظر واحدة ترى في الآخر ظالماً ومتجنياً وقاسياً ومخرِّباً وغير نظيف في مقابل الأنا المتسامحة والمتفهمة والحانية والبانية والنظيفة، حيث لا توجد، في الرواية، شخصية عربية إسلامية سلبية واحدة. ولا أدري لم لم يختر الروائي شخصية مضادة ( اسبانية كاثوليكية )، واحدة على الأقل، لتكون من ضيوف المخيم، لها وجهة نظر مختلفة فيما جرى تاريخياً، كي يتجنب ( الروائي ) تهمة الانحياز لوجهة نظرِ ( نا )، وليجعل القارئ، في النهاية، هو الحكم على ذلك الصراع الفارِق والإشكالي؟.
أخيراً، ما يُحسب لجابر خليفة جابر في روايته ( مخيّم المواركة ) أنه كتبها بلغة سرد متدفقة، صافية، من غير معمّيات أو زوائد إنشائية كثيرة. فشخصياً ما يُزعجني في كثر من الروايات العراقية هو الإسهاب الذي لا مسوِّغ فنياً له، مما يجعل القارئ ينفر منها. وهذا باعتقادي ما يشكِّل أصل الداء في الرواية العراقية الحديثة. مع استثناءات، بطبيعة الحال. فيما توفر تلقائية اللغة السردية وسلاستها فضلاً عن مستويات السرد المتباينة والمتعاضدة، في رواية جابر خليفة جابر، عنصري؛ جمال البناء والحكاية المثيرة..

No comments:

Post a Comment