Saturday 7 July 2012

عناق: مجموعة قصصية جديدة للقاصة المغربية لطيفة لبصير



كتب أبراهيم الحجري:
تراهن القاصة المغربية لطيفة لبصير -من خلال مجموعتها القصصية الجديدة "عناق"- على عنصر المفارقة الساخرة كأسلوب لفضح الواقع وما يزخر به من قيم مزيفة. وقد فرض عليها هذا الرهان تغيير إستراتيجية السرد التي عهدناها في مجموعاتها السابقة.
كسرت لبصير خطية السرد، واستعارت لغة التأمل والكشف بدل التقرير، واختارت مسلك البوح في كثير من اللحظات. كما أتاحت لذاذة المحكي فرص التحاور الجريء مع التفاصيل الدقيقة، التي باتت مركزية بعد ما طالها النسيان طويلا. واستدعت شخوصا غير معتادة للعب دور "البطولة" أو لتنشيط التفاعل السردي في النص القصصي.
تحكي القاصة المغربية هنا -وهي مشدودة إلى عوالم الذات- بوعي حساس جدا تجاه ما يحدث في محيطها الصغير والكبير من قضايا مجتمعية تكاد تبدو للبعض واهية وهامشية. لكن نباهة الرواة وذكاء عمليات الحبك والصوغ في قصصها جعلت أمورا هامشية تتخذ موقعها في الواجهة، على الأقل في لحظة القراءة والتواصل مع عوالم النص.

نقد الواقع
تكتب لبصير وعيها سردا. وتحرص على مساءلة القضايا الشائكة التي يحبل بها المجتمع، خاصة تلك التي تتعلق بالوشائج والصلات والقيم، وما آلت إليه من تناقض وزيف وتردّ. والقاصة بمساءلة كهذه تعيد النظر النقدي في حياة الناس وعلاقاتهم وعاداتهم، منتقدة إياها بشكل صريح حينا، وبشكل مبطن أحيانا أخرى، موظفة في ذلك المفارقة والسخرية وخلخلة منطق القيم والأشياء.
والكتابة، بهذا المعنى تحرص على تشخيص المعطيات الاجتماعية المتهالكة وتشريح موقع الخلل فيها، فتكون المحكيات بمثابة مرايا للواقع دون أن تكون عاكسة له، بل مصورة إياه في قوالب ساخرة وأشكال كاريكاتورية مفعمة بالكثير من الدلالات.
ومن الظواهر التي تسلط عليها الكاتبة الضوءَ في محكيها القصصي، العلاقة بين الرجل والمرأة التي يطوقها في الغالب البرود، ويغلب عليها التعامل الجسدي الميكانيكي. وعلاقة الأم بالطفل، وأهمية حضور الطفولة في شخصية الكبار، وقيمة الحب والتسامح في نسج علاقات بديلة تقوم على الاحترام المتبادل والتعايش مع الآخر، وكيفية بناء الإنسان لقيمه البديلة والمصطنعة قهرا للقيم الأصلية الفطرية، مبرزة علاقة الإنسان بالمكان ومدى تأثير هذا الأخير فيه. 

No comments:

Post a Comment