Thursday 5 July 2012

رواية "غريب النهر" للأديب جمال ناجي



عن الدار العربية للعلوم ناشرون صدرت في بيروت الرواية الجديدة لجمال ناجي بعنوان (غريب النهر ) .
تقع الرواية في 216 صفحة ، وتدور أحداثها في كل من فلسطين والأردن ، وتمتد إلى تركيا ولبنان وسوريا وعدد من بلدان آسيا وإفريقيا ، وتتناول فانتازيا النفير الفلسطيني منذ الحرب العالمية الأولى وحتى نهايات القرن العشرين عبر سلسلة من الأحداث التي تقوم على استجواب التاريخ وخوض السباقات في مساحاته .
ويستخدم الروائي في عمله الجديد تقنية زمنية تحطم التراتب التقليدي للزمن لتستنبط منه زمنا جديدا ذا إيقاع تناقلي يفضي إلى مفارقات تبدو غريبة للوهلة ، لكنها في الرواية تتحول إلى حقائق يصعب التشكيك في إمكانية حدوثها .
هي رواية "فانتازيا" النفير الفلسطيني ، لكن هذا النفير يظهر في الرواية برؤية جديدة تمزج بين مفارقات الشتات واستحقاقات البقاء ، وبين غرائب التحولات الإنسانية وأبعادها النفسية والاجتماعية والسياسية، بما في ذلك نجاحات الشخوص وإخفاقاتها وقوتها وضعفها أمام المنعطفات الحادة .
أبطال الرواية هم أفراد من عائلة افتراضية واحدة يعود أصلها إلى قرية فلسطينية ، يعايشون مراحل ضياع الوطن ومنعطفات السياسة وشتات العائلة الواحدة في أصقاع الأرض ، وهي العائلة التي تتعدد جنسيات أفرادها وتتشعب ولاءاتهم ، ويعايشون عصرهم ويحاكمونه بطرق متعددة، وفي أماكن تترك بصماتها على ألوانهم وأساليب تفكيرهم وسلوكهم.

مقتطف من الرواية :

( قبل أن يبادر إلى توجيه أسئلته الاستقصائية المعروفة التي يفكر المضيف بها في مثل تلك المواقف ، كالسؤال عمن يكون الضيف ، وما الذي يريده ، وهل هو مرسل من أحد أقاربه أو معارفه إليه ، وغير ذلك من الأسئلة التي قد تخطر بباله ، سبقه الستيني شوكت بسؤال غريب عن الوقت الذي يناسبه من أجل اصطحابه إلى مقام أمين الأمة ، أبو عبيدة عامر بن الجراح، الذي يبعد عن البيارة مسافة ثلاثين دقيقة بالسيارة، من أجل زيارة قبر المرحومة عائشة ، وقبر شهيد العائلة .
ولقد أثار ذلك الطلب في نفسه بعض التشاؤم ، فقد تذكر بأن أشهر الموت في العائلة تنتهي في اليوم الأخير من شهر آذار ، بعد ثلاثة وأربعين يوماً من لحظته تلك ، ومن المحتمل أن تحل منيته قبل انتهاء تلك الأيام ، وهو اعتقاد ترسخ على مر السنين والعقود بين أفراد عائلة أبو حلة ، وتعزز بعد أن قضى كل أمواتهم الذين يذكرونهم خلال أشهر الموت ، وهي كانون الثاني وشباط وآذار من كل عام من أعوام الموت ، حتى إن أجدادهم كانوا يحتفلون في الأول من نيسان من كل عام بنجاتهم من تلك الأشهر الثلاثة ، ويذبحون الذبائح ويوزعونها على الفقراء، ويحرقون البخور ، ويسهرون في عليّات بيوتهم حتى الصباح ، وقبل أن يناموا يلقون بجِرار الفخار الفارغة من علّياتهم كي تنكسر في باحات بيوتهم ، معتقدين أن كسر الجرار يزيل آثار تلك الأشهر وتوجساتها .)

No comments:

Post a Comment